[ ص: 466 ] المسألة الخامسة: قبول السفيه للوقف:
اختلف العلماء رحمهم الله في حكم على أقوال: قبول السفيه للوقف
القول الأول: صحة قبول السفيه للوقف.
وهذا مذهب الحنفية، وهو مقتضى مذهب المالكية، والأصح عند الشافعية، وهو وجه عند الحنابلة، صوبه المرداوي.
القول الثاني: عدم صحة قبول السفيه للوقف.
وهذا وجه عند الشافعية، ووجه عند الحنابلة.
القول الثالث: صحة قبول السفيه للوقف إذا أذن له الولي.
وهذا مذهب الحنابلة.
الأدلة:
دليل القول الأول:
استدل القائلون بصحة قبول السفيه:
بأن تصحيح قبول السفيه للوقف نفع محض ليس فيه تفويت مال، بل تحصيله. [ ص: 467 ]
دليل القول الثاني:
يمكن أن يستدل للقائلين بعدم صحة قبول السفيه للوقف:
بأن السفيه محجور عليه، والحجر يقتضي المنع من جميع التصرفات ومنها العقود النافعة له، كقبول الوقف.
ويناقش هذا الدليل: بأن حفظ ماله، وعدم تضييعه، وليس في تصحيح عقوده النافعة له نفعا محضا - كقبول الهبة والوصية ونحوهما - ضرر عليه وتضييع لماله، بل فيه تحصيله، فكان من مصلحة السفيه تصحيح قبوله للوقف. الغاية من الحجر على السفيه
دليل القول الثالث: استدل القائلون بصحة قبول السفيه للوقف إذا أذن له الولي:
بقياس السفيه على الصبي المميز، فإذا صح تصرف المميز بإذن وليه، فلأن يصح تصرف السفيه بإذن وليه أولى.
الترجيح:
ترجح لي - والله أعلم - القول بصحة قبول السفيه للوقف من غير توقف على إذن الولي؛ لأن الشارع إنما حجر على السفيه لمصلحته، فإذا تحققت مصلحته في عقد نافع له، كقبول الهبة والوصية ونحوهما لم يتردد في تصحيح صيغته ونفاذ عقده من غير اشتراط إذن الولي، وهل وضع الولي إلا لمصلحة السفيه؟ والمصلحة متحققة هنا.
* * * [ ص: 468 ]