المطلب الرابع
في الوصية بشيئين متحدي الجنس، والصفة، والقدر
مثل: الوصية له بألف درهم، ثم الوصية بألف درهم، ونحو ذلك، وقد اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين.
تحرير محل النزاع:
إن كانت الوصيتان متماثلتين في الجنس والقدر، وكانت معينتين، كما لو أوصى شخص لآخر بعشرة دراهم معينة، ثم أوصى له بعشرة دراهم أخرى [ ص: 313 ] معينة، فإن الموصى له يستحق الوصيتين جميعا; لتميز كل منهما عن الأخرى.
القول الأول: أنه يعطى الوصيتين معا ويجمع له بينهما.
وهو مذهب المالكية .
القول الثاني: أنه يعطى إحدى الوصيتين ولا يجمع له بينهما.
وهو قول الحنفية ، والشافعية .
الأدلة:
دليل القول الأول: (أنه يعطى الجميع ) 1 - عموم أدلة الوصية.
2 - أن تكرار الأمر يقتضي تكرار المأمور به.
دليل القول الثاني: (يعطى إحدى الوصيتين ) : 1 - لاحتمال أن تكون الثانية تكرارا، أو تأكيدا.
ونوقش هذا الاستدلال: أن التأكيد خلاف الأصل، فلا يحمل عليه الكلام إلا بدليل، بمنزلة الظاهر لا يترك إلا بدليل.
2 - أن الأصل بقاء الأملاك على ملك أصحابها، وعدم انتقالها إلا بدليل لا احتمال معه.
[ ص: 314 ] ونوقش: بأنه مستمد من قاعدة الاستصحاب، وهو من أضعف الأدلة، وقد عارضه هنا ظاهر الكلام، فيقدم عليه.
والأقرب: القول الأول; لقوة دليله، ومناقشة دليل القول الآخر.