الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        معلومات الكتاب

        الجامع لأحكام الوقف والهبات والوصايا

        خالد المشيقح - أ.د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح

        صفحة جزء
        القسم الثاني: إذا كان يحمله الثلث والوصية به لغير معين كالفقراء والمساكين، فاختلف في ذلك على قولين:

        [ ص: 182 ] القول الأول: أنه يجب تنفيذ الوصية وإعطاء الموصى به للموصى لهم، ويجبر الورثة على تسليمه لهم.

        وهو قول جمهور أهل العلم.

        قال الونشريسي: « وسئل أبو عبد الله السطي رحمه الله.... عمن أوصى بمعين مما يحمله الثلث أن يصرف على المساكين فأبى الورثة.... » إجبار الورثة على تنفيذ الشيء الموصى به لازم، وقد أجمعت الأمة: أن الوصية إذا كانت بالثلث أو أقل لغير الوارث، إذا لم يقصد المورث مضارة الورثة تنفذ، فإذا لم يقض عليهم بالتنفيذ، بل كان موقوفا على اختيارهم ورضاهم كان ذلك تمكينا لهم من رد الوصية، والإجماع على خلافهم » .

        وحجته:

        1 - عموم الأدلة الدالة على وجوب العمل بشرط الموصي.

        2 - الأدلة الدالة على ملكية الموصى له للوصية سواء كان معينا، أو غير معين.

        والمالك لا يتصرف بماله إلا برضاه.

        القول الثاني: الخيار للورثة في إخراج الموصى به بعينه، أو بيعه والتصدق بثمنه، أو الاحتفاظ به وإخراج قيمته.

        وبه قال الحنفية .

        وقال بعض الحنفية : لهم الخيار في إخراجه بعينه أو بيعه والتصدق بثمنه ، وليس لهم إمساكه، وإخراج قيمته.

        [ ص: 183 ] وحجته:

        1 - أن الوصية لمعين تحتاج إلى القبول، وبمجرد حصوله يصير ملكا للموصى له المعين لا يمكن منعه منه بخلاف الوصية لغير معين، فإنها لا تحتاج إلى قبول، فيجوز للوارث تبديلها.

        2 - أن هذا مبني على أصل الحنفية في إجزاء القيمة في باب الكفارات والزكاة حين أجازوا إخراج القيمة.

        3 - أن المقصود بالوصية للفقراء هو إيصال النفع لهم، وذلك يتحقق بتسليمهم الموصى به بعينه، أو ثمنه أو قيمته.

        ونوقش هذا الاستدلال: بأنه يخالف عموم قوله تعالى: فمن بدله، بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه .

        وإمساك الموصى به والتصدق بقيمته أو بيعه والتصدق بثمنه تبديل للوصية، كما يخالف القاعدة الأصولية: أن الواجب المعين يجب تنفيذه بعينه ولا يقبل البدل، والقاعدة الفقهية: أنه ليس من حق أحد أن يجبر غيره على بيع ماله له، والفقراء يملكون الوصية بمجرد موت الموصي من غير حاجة إلى قبول اتفاقا، فلا يجوز أخذ مالهم، واستبداله بغيره.

        الترجيح:

        الراجح - والله أعلم - ما ذهب إليه جمهور أهل العلم; لموافقته القواعد، وظاهر النصوص.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية