30 - وعن رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : صهيب ، وقال : من لم يرجع عن دينه فأقحموه فيها ، أو قيل له اقتحم ، ففعلوا ، حتى جاءت امرأة ومعها صبي لها فتقاعست أن تقع فيها فقال لها الغلام : قد آمن الناس فأمر بالأخدود بأفواه السكك فخدت وأضرم النيران يا أمه اصبري فإنك على الحق رواه كان ملك فيمن قبلكم وكان له ساحر فلما كبر قال للملك : إني قد كبرت فابعث إلي غلاما أعلمه السحر ؛ فبعث إليه غلاما يعلمه وكان في طريقه - إذا سلك - راهب فقعد إليه وسمع كلامه فأعجبه وكان إذا أتى الساحر مر بالراهب وقعد إليه فإذا أتى الساحر ضربه فشكا ذلك إلى الراهب [ ص: 26 ] فقال : إذا خشيت الساحر فقل : حبسني أهلي وإذا خشيت أهلك فقل : حبسني الساحر . فبينما هو على ذلك إذ أتى على دابة عظيمة قد حبست الناس فقال : اليوم أعلم : الساحر أفضل أم الراهب أفضل ؟ فأخذ حجرا فقال : اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس فرماها فقتلها ومضى الناس . فأتى الراهب فأخبره . فقال له الراهب : أي بني أنت اليوم أفضل مني قد بلغ من أمرك ما أرى . وإنك ستبتلى فإن ابتليت فلا تدل علي . وكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص ويداوي الناس من سائر الأدواء . فسمع جليس للملك كان قد عمي فأتاه بهدايا كثيرة فقال : ما هاهنا لك أجمع إن أنت شفيتني فقال : إني لا أشفي أحدا إنما يشفي الله تعالى فإن آمنت بالله تعالى دعوت الله فشفاك فآمن بالله تعالى فشفاه الله تعالى فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس . فقال له الملك : من رد عليك بصرك ؟ قال : ربي . قال : ولك رب غيري ؟ قال : ربي وربك الله . فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام فجيء بالغلام فقال له الملك : أي بني قد بلغ من سحرك ما تبرئ الأكمه والأبرص وتفعل وتفعل ! فقال : إني لا أشفي أحدا إنما يشفي الله تعالى . فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الراهب ؛ فجيء بالراهب فقيل له : ارجع عن دينك فأبى فدعا بالمنشار فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقه حتى وقع شقاه ثم جيء بجليس الملك فقيل له : ارجع عن دينك فأبى فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقه به حتى وقع شقاه ثم جيء بالغلام فقيل له : ارجع عن دينك فأبى فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال : اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا فاصعدوا به الجبل فإذا بلغتم ذروته فإن رجع عن دينه وإلا فاطرحوه . فذهبوا به فصعدوا به الجبل فقال : اللهم اكفنيهم بما شئت فرجف بهم الجبل فسقطوا وجاء يمشي إلى الملك فقال له الملك : ما فعل أصحابك ؟ فقال : كفانيهم الله تعالى . فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال : اذهبوا به فاحملوه في قرقور وتوسطوا به البحر فإن رجع عن دينه وإلا فاقذفوه . فذهبوا به فقال : اللهم اكفنيهم بما شئت فانكفأت بهم السفينة فغرقوا وجاء يمشي إلى الملك . فقال له الملك : ما فعل أصحابك ؟ فقال : كفانيهم الله تعالى . فقال للملك : إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به . قال : ما هو ؟ قال : تجمع الناس في صعيد واحد وتصلبني على جذع ثم خذ سهما من كنانتي ثم ضع السهم في كبد القوس ثم قل : بسم الله رب الغلام ثم ارم فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني . فجمع الناس في صعيد واحد وصلبه على جذع ثم أخذ سهما من كنانته ثم وضع السهم في كبد القوس ثم قال : بسم الله رب الغلام . ثم رماه [ ص: 27 ] فوقع السهم في صدغه فوضع يده في صدغه فمات . فقال الناس : آمنا برب الغلام . فأتي الملك فقيل له : أرأيت ما كنت تحذر قد والله نزل بك حذرك . . مسلم
«ذروة الجبل» أعلاه وهي بكسر الذال المعجمة وضمها و «القرقور» بضم القافين نوع من السفن ، و «الصعيد» هنا : الأرض البارزة . و «الأخدود» الشقوق في الأرض كالنهر الصغير . و «أضرم» أوقد و«انكفأت» أي : انقلبت . و «تقاعست» توقفت وجبنت .