وقد أفردت لمسألة الحامل هل [ ص: 513 ] تحيض أم لا ؟ مصنفا مفردا.
وقد احتج بالحديث من يرى أن السنة تفريق الطلقات على الأقراء، فيطلق لكل قرء طلقة، وهذا قول وسائر الكوفيين، وعن أبي حنيفة رواية كقولهم. أحمد
قالوا: وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمره بإمساكها في الطهر المتعقب للحيض، لأنه لم يفصل بينه وبين الطلاق طهر كامل، والسنة أن يفصل بين الطلقة والطلقة قرء كامل، فإذا طهرت ثم حاضت ثم طهرت طلقها طلقة ثانية، لحصول الفصل بين الطلقتين بطهر كامل. قالوا: فلهذا المعنى اعتبر الشارع الفصل بين الطلاق الأول والثاني.
قالوا: وفي بعض حديث " ابن عمر " وروى السنة أن يستقبل الطهر، فيطلق لكل قرء في "سننه"، عن النسائي قال: " طلاق السنة أن يطلقها تطليقة وهي طاهر في غير جماع، فإذا حاضت فطهرت طلقها أخرى، فإذا حاضت وطهرت طلقها أخرى، ثم تعتد بعد ذلك بحيضة " . ابن مسعود
وهذا الاستدلال ضعيف، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمره بإمساكها في الطهر الثاني، ليفرق الطلقات الثلاث على الأقراء، ولا في الحديث ما يدل على [ ص: 514 ] ذلك، وإنما أمره بطلاقها طاهرا قبل أن يمسها، وقد ذكرنا حكمة إمساكها في الطهر الأول.
وأما قوله: " "، فهو حديث قد تكلم الناس فيه وأنكروه على والسنة أن يستقبل الطهر فيطلق لكل قرء فإنه انفرد بهذه اللفظة دون سائر الرواة. عطاء الخراساني،
قال وأما الحديث الذي رواه البيهقي: عن عطاء الخراساني، في هذه القصة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ابن عمر ، فإنه أتى في هذا الحديث بزيادات لم يتابع عليها، وهو ضعيف في الحديث لا يقبل منه ما ينفرد به. السنة أن يستقبل الطهر فيطلق لكل قرء
وأما حديث فمع أنه موقوف عليه، فهو حديث يرويه ابن مسعود أبو إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، واختلف على أبي إسحاق فيه، فقال عنه كما تقدم، وقال الأعمش عن سفيان الثوري، أبي إسحاق، عن أبي الأحوص عنه: " "، ولعل هذا حديثان؛ والذي يدل عليه: أن طلاق السنة أن يطلقها طاهرا من غير جماع قال: سألت الأعمش إبراهيم، فقال لي مثل ذلك. وبالجملة فهذا غايته أن يكون قول وقد خالفه علي وغيره. ابن مسعود
وقد روي، عن روايتان: إحداهما: التفريق، والثانية: إفراد [ ص: 515 ] الطلقة، وتركها حتى تنقضي عدتها. قال: " طلاق السنة أن يطلقها وهي طاهر، ثم يدعها حتى تنقضي عدتها، أو يراجعها إن شاء"، ذكره ابن مسعود عنه. ولأن هذا أردأ طلاق لطلاق من غير حاجة إليه، وتعريض لتحريم المرأة عليه إلا بعد زوج وإصابة، والشارع لا غرض له في ذلك ولا مصلحة للمطلق، فكان بدعيا. والله أعلم. ابن عبد البر