المسلك الثاني :
وهذا لا معنى له إلا سلامتها عن مفسد واحد . وهو النقض فهو كقول القائل زيد عالم ; لأنه دليل يفسد دعوى العلم ، ويعارضه أنه جاهل ; لأنه لا دليل يفسد دعوى الجهل . الاستدلال على صحتها باطرادها وجريانها في حكمها
والحق أنه لا يعلم كونه عالما بانتفاء دليل الجهل ولا كونه جاهلا بانتفاء دليل العلم بل يتوقف فيه إلى ظهور الدليل ، فكذلك الصحة والفساد . فإن قيل ثبوت حكمها معها واقترانه بها دليل على كونها علة .
قلنا : غلطتم في قولكم ثبوت حكمها ; لأن هذه إضافة للحكم لا تثبت إلا بعد قيام الدليل على كونها علة ، فإذا لم يثبت لم يكن حكمها بل بحال غلبة الظن عليه كان حكم علته ، واقترن بها ، والاقتران لا يدل على الإضافة ، فقد يلزم الخمر لون وطعم يقترن به التحريم ويطرد وينعكس والعلة الشدة واقترانه بما ليس بعلة كاقتران الأحكام بطلوع كوكب وهبوب ريح ، وبالجملة فنصب العلة مذهب يفتقر إلى دليل كوضع الحكم ولا يكفي في إثبات الحكم أنه لا نقض عليه ولا مفسد له بل لا بد من دليل فكذلك العلة .