(13) وَمِنْ بَابِ الْمَسْحِ عَلَى النَّاصِيَةِ وَالْعِمَامَةِ وَالْخِمَارِ

(قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى : " وَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَعَلَى الْعِمَامَةِ ") تَمَسَّكَ nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=12321وَأَشْهَبُ مِنْ أَصْحَابِنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى إِجْزَاءِ مَسْحِ النَّاصِيَةِ فَقَطْ ، وَلَا حُجَّةَ لَهُمَا فِيهِ ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَيْهِ ، وَأَنَّهُ مَسَحَ عَلَى النَّاصِيَةِ وَعَلَى [ ص: 533 ] كُلِّ الْعِمَامَةِ . وَاحْتَجَّ بِهِ nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=12251وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ : عَلَى جَوَازِ nindex.php?page=treesubj&link=55الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ ، وَأَنَّهُ يُجْزِئُ ، وَلَا حُجَّةَ لَهُمَا فِيهِ ; لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَيْهَا ، بَلْ مَسَحَ مَعَهَا النَّاصِيَةَ . وَاشْتَرَطَ بَعْضُ مَنْ أَجَازَ الْمَسْحَ عَلَى الْعِمَامَةِ أَنْ يَكُونَ لَبِسَهَا عَلَى طَهَارَةٍ كَالْخُفَّيْنِ ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ : أَنْ تَكُونَ بِحَنَكٍ ; لِيَكُونَ فِي نَزْعِهَا مَشَقَّةٌ .

وَذَهَبَ nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ وَجُلُّ أَصْحَابِهِ إِلَى أَنَّ nindex.php?page=treesubj&link=55مَسْحَ الرَّأْسِ عَلَى حَائِلٍ لَا يَجُوزُ ، تَمَسُّكًا بِظَاهِرِ قَوْلِهِ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ [ الْمَائِدَةِ : 6 ] وَهَذَا يَقْتَضِي الْمُبَاشَرَةَ ، كَقَوْلِهِ فِي التَّيَمُّمِ : nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ [ النِّسَاءِ : 43 ] إِلَّا أَنْ يَدْعُوَ إِلَى ذَلِكَ ضَرُورَةُ مَرَضٍ أَوْ تَخَوُّفٍ عَلَى النَّفْسِ ، فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْحَائِلِ ، كَالْحَالِ فِي الْجَبَائِرِ وَالْعَصَائِبِ .

وَحَمَلَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ بِهِ مَرَضٌ مَنَعَهُ مِنْ كَشْفِ رَأْسِهِ كُلِّهِ ، أَوْ تَوَقَّعَهُ تَوَقُّعًا صَحِيحًا ، وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ حَسَنَةٌ ، فَإِنَّهُ تَمَسَّكَ بِظَاهِرِ الْكِتَابِ ، وَتَأَوَّلَ هَذِهِ الْوَاقِعَةَ الْمُعَيَّنَةَ ، وَيَتَأَيَّدُ تَأْوِيلُهُ بِأَمْرَيْنِ :

أَحَدُهُمَا : أَنَّ هَذِهِ الْوَاقِعَةَ كَانَتْ فِي السَّفَرِ ، وَهُوَ مَظِنَّةُ الْأَعْذَارِ وَالْأَمْرَاضِ .

وَالثَّانِي : أَنَّهُ مَسَحَ مِنْ رَأْسِهِ الْمَوْضِعَ الَّذِي لَمْ يُؤْلِمْهُ أَوْ لَمْ يَتَوَقَّعْ فِيهِ شَيْئًا .

وَمَسْحُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - جَمِيعَ الْعِمَامَةِ دَلِيلٌ nindex.php?page=showalam&ids=16867لِمَالِكٍ : عَلَى وُجُوبِ عُمُومِ الرَّأْسِ ; إِذْ قَدْ نَزَّلَ الْعِمَامَةَ عِنْدَ الضَّرُورَةِ مَنْزِلَةَ الرَّأْسِ ، فَمَسَحَ جَمِيعَهَا ، كَمَا فَعَلَ [ ص: 534 ] فِي الْخُفَّيْنِ ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ . وَمُبَادَرَةُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى تَقْدِيمِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عِنْدَ تَأَخُّرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْوَقْتِ الَّذِي كَانَ يُوقِعُ فِيهِ الصَّلَاةَ ; فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مُحَافَظَتِهِمْ عَلَى أَوَّلِ الْوَقْتِ ، وَبِهِ احْتَجَّ nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى هَذَا ، وَيُحْتَمَلُ : أَنْ يَكُونُوا يَئِسُوا مِنْ وُصُولِهِ إِلَيْهِمْ فِي الْوَقْتِ بِتَقْدِيرِهِمْ ، أَنَّهُ أُخِذَ فِي طَرِيقٍ أُخْرَى ، أَوْ أَنَّهُ عَرَّسَ ، أَلَا تَرَى فَزَعَهُمْ حِينَ أَدْرَكَهُمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلُّونَ ؟ ! فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يُبَادِرُوا إِلَى أَوَّلِ الْوَقْتِ ، وَلَا أَخَّرُوهَا آخِرَهُ ، وَالْأَشْبَهُ : أَنَّهُمُ انْتَظَرُوهُ إِلَى الْوَقْتِ الْمَعْهُودِ ; بِدَلِيلِ قَوْلِهِ : " فَغَبَطَهُمْ أَنْ صَلَّوُا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا " ، فَلِمَا خَرَجَ ذَلِكَ الْوَقْتُ ; تَأَوَّلُوا أَنَّهُ صَلَّى ، أَوْ أَخَذَ طَرِيقًا أُخْرَى ، أَوْ أَنَّهُ عَرَّسَ ، فَقَدَّمُوا عَبْدَ الرَّحْمَنِ ، وَفِيهِ أَبْوَابٌ مِنَ الْفِقْهِ لَا تَخْفَى عَلَى مُتَأَمِّلٍ .

وَ " الْمِطْهَرَةُ " الْإِنَاءُ الَّذِي يُتَطَهَّرُ بِهِ . وَ " يَحْسُرُ عَنْ ذِرَاعَيْهِ " يَكْشِفُ عَنْهُمَا . وَ " النَّاصِيَةُ " مُقَدَّمُ شَعْرِ الرَّأْسِ .