5046 - حدثنا سليمان بن شعيب ، قال : ثنا ، عن يحيى بن سلام محمد بن أبي حميد المدني ، عن عن محمد بن المنكدر عبد الرحمن بن البيلماني عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مثله . والنظر عندنا شاهد لذلك أيضا ، وذلك أنا رأينا الحربي دمه حلال ، وماله حلال ، فإذا صار ذميا حرم دمه وماله كحرمة دم المسلم ومال المسلم .
ثم رأينا من سرق من مال الذمي ما يجب فيه القطع ، قطع كما يقطع في مال المسلم .
فلما كانت العقوبات في انتهاك المال الذي قد حرم بالذمة ، كالعقوبات في انتهاك المال الذي حرم بالإسلام كان يجيء في النظر أيضا أن تكون العقوبة في الدم الذي قد حرم بالذمة كالعقوبة في الذي قد حرم بالإسلام .
فإن قال قائل : فإنا قد رأينا العقوبات الواجبات في انتهاك حرمة الأموال قد فرق بينهما وبين العقوبات الواجبات في انتهاك حرمة الدم ، وذلك أنا رأينا العبد يسرق من مال مولاه فلا يقطع ، ويقتل مولاه فيقتل ، ففرق بين ذلك ، فما تنكرون أيضا أن يكون قد فرق بين ما يجب في انتهاك مال الذمي ودمه ؟
قيل له : هذا الذي ذكرت قد زاد ما ذهبنا إليه توكيدا ؛ لأنك ذكرت أنهم أجمعوا أن العبد لا يقطع في مال مولاه ، وأنه يقتل بمولاه وبعبيد مولاه .
فما وصفت من ذلك كما ذكرت فقد خففوا أمر المال ، ووكدوا أمر الدم ، فأوجبوا العقوبة في الدم ، حيث لم يوجبوها بالمال .
فلما ثبت توكيد أمر الدم وتخفيف أمر المال ، ثم رأينا مال الذمي يجب في انتهاكه على المسلم من العقوبة [ ص: 196 ] كما يجب عليه في انتهاك مال المسلم كان دمه أحرى أن يكون عليه في انتهاك حرمته من العقوبة ما يكون عليه في انتهاك حرمة دم المسلم .
وقد أجمعوا أن ذميا لو قتل ذميا ، ثم أسلم القاتل ، أنه يقتل بالذمي الذي قتله في حال كفره ، ولا يبطل ذلك إسلامه .
فلما رأينا الإسلام الطارئ على القتل لا يبطل القتل الذي كان في حال الكفر ، وكانت الحدود تمامها أحدها ، ولا يوجد على حال - لا يجب في البدء مع تلك الحال .
ألا ترى أن رجلا لو قتل رجلا ، والمقتول مرتد ، أنه لا يجب عليه شيء ، وأنه لو جرحه وهو مسلم ثم ارتد - عياذا بالله - فمات لم يقتل .
فصارت ردته التي تقدمت الجناية ، والتي طرأت عليها في درء القتل سواء .
فكان كذلك في النظر أن يكون القاتل قبل جنايته وبعد جنايته سواء .
ولما كان إسلامه بعد جنايته قبل أن يقتل بها لا يدفع عنه القود كان كذلك إسلامه المتقدم لجنايته : لا يدفع عنه القود .
وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمة الله عليهم أجمعين . ومحمد