8 - باب طلاق المكره
4649 - حدثنا قال : ثنا ربيع بن سليمان المؤذن قال : أخبرنا بشر بن بكر ، عن الأوزاعي ، عن عطاء ، عن عبيد بن عمير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ابن عباس تجاوز الله لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه .
قال : فذهب قوم إلى أن الرجل إذا أكره على طلاق أو نكاح أو يمين أو إعتاق أو ما أشبه ذلك حتى فعله مكرها أن ذلك كله باطل ؛ لأنه قد دخل فيما تجاوز الله فيه للنبي صلى الله عليه وسلم عن أمته ، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث . أبو جعفر
وخالفهم في ذلك آخرون ؛ فقالوا : بل يلزمه ما حلف به في حال الإكراه من يمين ، وينفذ عليه طلاقه وعتاقه ونكاحه ومراجعته لزوجته المطلقة إن كان راجعها .
وتأولوا في هذا الحديث معنى غير المعنى الذي تأوله أهل المقالة الأولى ؛ فقالوا : إنما ذلك في الشرك خاصة ؛ لأن القوم كانوا حديثي عهد بكفر في دار كانت دار كفر ، فكان المشركون إذا قدروا عليهم استكرهوهم على الإقرار بالكفر فيقرون بذلك بألسنتهم ، قد فعلوا ذلك بعمار بن ياسر رضي الله عنه وبغيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم ، فنزلت فيهم إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان .
وربما سهوا ، فتكلموا بما جرت عليه عادتهم قبل الإسلام ، وربما أخطأوا فتكلموا بذلك أيضا ، فتجاوز الله عز وجل لهم عن ذلك ؛ لأنهم غير مختارين لذلك ولا قاصدين إليه .
[ ص: 96 ] وقد ذهب رحمه الله إلى هذا التفسير أيضا ، حدثناه أبو يوسف الكيساني عن أبيه .
فالحديث يحتمل هذا المعنى ، ويحتمل ما قال أهل المقالة الأولى ، فلما احتمل ذلك احتجنا إلى كشف معانيه ليدلنا على أحد التأويلين فنصرف معنى هذا الحديث إليه .
فنظرنا في ذلك ، فوجدنا الخطأ هو ما أراد الرجل غيره ، ففعله لا عن قصد منه إليه ولا إرادة منه إياه ، وكان السهو ما قصد إليه ، ففعله على القصد منه إليه على أنه ساه عن المعنى الذي يمنعه من ذلك الفعل .
وكان الرجل إذا نسي أن تكون هذه المرأة له زوجة فقصد إليها فطلقها ، فكل قد أجمع أن طلاقه عامل ولم يبطلوا ذلك لسهوه ، ولم يدخل ذلك السهو في السهو المعفو عنه .
فإذا كان السهو المعفو عنه ليس فيه ما ذكرنا من الطلاق والأيمان والعتاق كان كذلك الاستكراه المعفو عنه ليس فيه أيضا من ذلك شيء .
فثبت بذلك فساد قول الذين أدخلوا الطلاق والعتاق والأيمان في ذلك .
واحتج أهل المقالة الأولى أيضا لقولهم بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم .