3004 - حدثنا فهد ، قال : ثنا ، قال : ثنا أبو غسان ، فذكر بإسناده مثله . أبو بكر بن عياش
قال : فذهب قوم إلى أن الصدقة لا تحل لذي المرة السوي ، وجعلوه فيها ، كالغني ، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار . أبو جعفر
وخالفهم في ذلك آخرون ، فقالوا : كل فقير من قوي وزمن ، فالصدقة له حلال ، وذهبوا في تأويل هذه الآثار المتقدمة إلى أن قول النبي صلى الله عليه وسلم : لا تحل الصدقة لذي مرة سوي ، أي : أنها لا تحل له ، كما تحل للفقير الزمن الذي لا يقدر على غيرها ، فيأخذها على الضرورة وعلى الحاجة ، من جميع الجهات منه إليها .
فليس مثله ذو المرة السوي القادر على اكتساب غيرها في حلها له ؛ لأن الزمن الفقير ، يحل له من قبل الزمانة ، ومن قبل عدم قدرته على غيرها .
[ ص: 15 ] وذو المرة السوي إنما تحل له من جهة الفقر خاصة ، وإن كانا جميعا قد يحل لهما أخذها ، فإن الأفضل لذي المرة السوي تركها ، والأكل من الاكتساب بعمله .
وقد يغلظ الشيء من هذا ، فيقال : لا يحل ، أو لا يكون كذا ، على أنه غير متكامل الأسباب التي بها يحل ذلك المعنى ، وإن كان ذلك المعنى قد يحل بما دون تكامل تلك الأسباب .
من ذلك ، ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ليس المسكين بالطواف ولا بالذي ترده التمرة والتمرتان واللقمة واللقمتان ، ولكن المسكين الذي لا يسأل ، ولا يفطن له فيتصدق عليه .
فلم يكن المسكين الذي يسأل خارجا من أسباب المسكنة وأحكامها ، حتى لا يحل له أخذ الصدقة ، وحتى لا يجزئ من أعطاه منها شيئا ، مما أعطاه من ذلك ، ولكن ذلك على أنه ليس بمسكين متكامل أسباب المسكنة .
فكذلك قوله : لا تحل الصدقة لذي مرة سوي أي : أنها لا تحل له من جميع الأسباب التي بها تحل الصدقة ، وإن كان قد تحل له ببعض تلك الأسباب .