5552 ص: وذهبوا إلى أن ما روي عن رسول الله -عليه السلام- في ذلك -مما قد تقدم ذكرنا له في هذا الباب- منسوخ، فروي عنهم هذا الكلام مجملا، ثم اختلف عنهم من بعد في الذي نسخ ذلك ما هو؟
فقال محمد بن شجاع فيما أخبرني به ابن أبي عمران عنه نسخه قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وقد ذكرنا ذلك بأسانيده فيما تقدم من هذا الكتاب، فلما قطع رسول الله -عليه السلام- بالفرقة الخيار؛ ثبت بذلك أنه لا خيار لأحد بعدها، إلا لمن استثناه رسول الله -عليه السلام- في هذا الحديث بقوله: "إلا بيع الخيار". " . " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا" "
[ ص: 439 ] قال : -رحمه الله-: وهذا التأويل عندي فاسد، لأن الخيار المجعول في المصراة إنما هو خيار عيب، أبو جعفر ألا ترى أن رجلا لو وخيار العيب لا تقطعه الفرقة، أن له رده على بائعه باتفاق المسلمين؟ ولا يقطع ذلك التفرق الذي روي عن رسول الله -عليه السلام- في الآثار المذكورة عنه في ذلك، فكذلك المبتاع للشاة المصراة إذا قبضها فاحتلبها، فعلم أنها على غير ما كان ظهر له منها، وكان ذلك لا يعلمه في احتلابه مرة ولا مرتين، جعلت له في ذلك هذه المدة -وهي ثلاثة أيام- ليحتلبها في ذلك، فيقف على حقيقة ما هي عليه، فإن كان باطنها كظاهرها فقد لزمته واستوفى ما اشترى، وإن كان ظاهرها بخلاف باطنها فقد ثبت العيب ووجب له ردها، فإن حلبها بعد الثلاثة الأيام فقد حلبها بعد علمه بعيبها، فذلك رضا منه بها، فلهذه العلة التي ذكرت وجب بها فساد التأويل الذي وصفت. اشترى عبدا وقبضه وتفرقا، ثم رأى به عيبا بعد ذلك