الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
4503 ص: وكان من حجة من جعل الأقراء الحيض على مخالفه: أن قال: فإذا كانت الأقراء الأطهار، فإذا nindex.php?page=treesubj&link=11750طلق المرأة زوجها وهي طاهر فحاضت بعد ذلك بساعة فحسب ذلك لها قرءا مع قرأين متتابعين كانت عدتها قرأين وبعض قرء، وإنما قال الله -عز وجل- nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228ثلاثة قروء
ش: هذا محذور يلزم من قال: إن nindex.php?page=treesubj&link=12438الأقراء هي الأطهار، بيانه: أن الأقراء إذا كانت أطهارا يلزم من ذلك أن تكون عدتها قرأين وبعض قرء، وهذا خلاف النص؛ لأن الله تعالى قال: nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228ثلاثة قروء توضيحه: أن الله تعالى خص الأقراء بعدد يقتضي استيفاؤه العدة، وهو ثلاثة قروء، واعتبار الطهر فيه يمنع استيفاءها بكمالها فيمن طلقها للسنة؛ لأن طلاق السنة أوقعه في طهر قد جامعها فيه؛ فلا أبدا إذا كان كذلك من أن يصادف طلاقه طهرا قد مضى بعضه، ثم تعتد بعده بطهرين آخرين فهذان طهران وبعض الثالث، فلما تعذر استيفاء الثالث إذا أراد طلاق السنة، علمنا أن الأقراء الحيض الذي يمكن استيفاء العدد المذكور في الآية بكماله. فافهم.
ويلزم محذور آخر إذا قلنا: إن الأقراء هي الأطهار؛ وذلك لأن الله تعالى قال: nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228ثلاثة قروء والثلاثة اسم خاص وضع لعدد معلوم، والخاص بمنزلة العلم قطعا؛ لكونه بينا في نفسه، فلو حملت الأقراء على الأطهار لانتقص العدد عن الثلاثة بالطريق الذي ذكرنا فيلزم حينئذ ترك العمل بالخاص.
فإن قيل: لم قلتم: إنه إذا احتسب الطهر الذي وقع فيه الطلاق فيكون الواجب طهرين وبعض طهر، بل الواجب ثلاثة؛ لأن بعض الطهر طهر؛ إذ المراد بالطهر أدنى ما يطلق عليه طهر وهو طهرين عندنا.
[ ص: 85 ] قلت: لا نسلم أن بعض الطهر طهر، بل هو ليس بطهر؛ لأن بعض الطهر لو كان طهرا لا يكون بين الأول والثالث قرأين، فينبغي أن يكتفي في الثالث ببعضه، فإذا مضى منه شيء شرع أن يحل لها التزوج وهو خلاف الإجماع؛ ولأنه لو كان كذلك لانقضت العدة في طهر واحد، حيث إن المراد من الطهر هو الشرعي.
فإن قيل: لا يحسب الطهر الذي وقع فيه الطلاق كما هو مذهب بعض المالكية فحينئذ تكون باقي الأطهار كاملة، وهي أن الأقراء هي الأطهار.
قلت: الخصم لا يقول بذلك، بل هو يحسب ذلك الطهر، فحينئذ يجب طهران وبعض، فيجب الانتقاص عن الثلاثة، وإن قلنا على مذهب من لا يحتسب هذا الطهر الذي وقع فيه الطلاق يجب ثلاثة أطهار وبعض، فهذا أيضا لا يجوز؛ لأنها تزيد على الثلاثة، وقد قلنا: إن الثلاث عدد خاص بمنزلة العلم بعدد معلوم لا يحتمل غيره، سواء كان أقل منه أو أكثر. فافهم.