2605 2606 2607 2608 ص: فإن قال قائل : فكيف يجوز أن يكون هذا قبل نسخ الكلام في الصلاة - رضي الله عنه - قد كان حاضرا ذلك ، وإسلام وأبو هريرة إنما كان قبل وفاة النبي - عليه السلام - بثلاث سنين ؟ وذكر في ذلك ما حدثنا أبي هريرة ، قال : ثنا ابن أبي داود ، قال : ثنا القواريري ، قال : ثنا يحيى بن سعيد القطان ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، قال : أتينا قيس بن أبي حازم فقلنا : حدثنا فقال : "صحبت النبي - عليه السلام - ثلاث سنين " قالوا : أبا هريرة فأبو هريرة إنما صحب رسول الله - عليه السلام - ثلاث سنين ، وهو حضر تلك الصلاة ، ونسخ الكلام في الصلاة كان والنبي - عليه السلام - بمكة ، فدل ذلك على أن ما كان في حديث ذي اليدين من الكلام في الصلاة مما لم ينسخ بنسخ الكلام في الصلاة إذ كان متأخرا ، عن ذلك .
قيل له : أما ما ذكرت من وقت إسلام أبي هريرة ، فهو كما ذكرت ، وأما قولك : إن نسخ الكلام في الصلاة كان والنبي - عليه السلام - يومئذ بمكة ، فمن روى لك هذا وأنت لا تحتج إلا بمسند ولا تسوغ خصمك الحجة عليك إلا بمثله ؟ فمن أسند لك هذا وعن من رويته ؟ وهذا زيد بن أرقم الأنصاري - رضي الله عنه - يقول : "إنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت وقوموا لله قانتين فأمرنا بالسكوت ، وقد روينا عنه في غير هذا الموضع من كتابنا ، هذا وصحبة زيد لرسول الله - عليه السلام - إنما كانت بالمدينة ، فقد [ ص: 70 ] ثبت بحديثه هذا أن نسخ الكلام في الصلاة كان بالمدينة بعد قدوم رسول الله - عليه السلام - من مكة ، مع أن لم يحضر تلك الصلاة مع رسول الله - عليه السلام - أصلا ; لأن أبا هريرة ذا اليدين قتل يوم بدر مع رسول الله - عليه السلام - وهو أحد الشهداء ; قد ذكر ذلك محمد بن إسحاق وغيره وقد روي عن - رضي الله عنهما - ما يوافق ذلك . عبد الله بن عمر
حدثنا ، قال : ثنا ابن أبي داود ، قال : أنا سعيد بن أبي مريم ، قال : حدثني الليث بن سعد ، عن عبد الله بن وهب عبد الله العمري ، عن ، عن نافع - رضي الله عنهما - : "أنه ذكر له حديث ابن عمر ذي اليدين ، فقال : كان إسلام بعد ما قتل أبي هريرة ذو اليدين " .
وإنما قول عندنا : "صلى بنا رسول الله - عليه السلام - " يعني : بالمسلمين ، وهذا جائز في اللغة ، وقد روي مثل هذا عن أبي هريرة النزال بن سبرة :
حدثنا فهد ، قالا : ثنا وأبو زرعة الدمشقي ، قال : ثنا أبو نعيم ، عن مسعر عبد الملك بن ميسرة ، عن النزال بن سبرة ، قال : قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إنا وإياكم كنا ندعى بنو عبد مناف ، وأنتم اليوم بنو عبد الله ، ونحن بنو عبد الله يعني لقوم النزال " فهذا النزال ، يقول : "قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " وهو لم ير رسول الله - عليه السلام - يريد بذلك : قال لقومه ، وقد روي عن طاوس أنه قال : قدم علينا معاذ بن جبل ، - رضي الله عنه - فلم يأخذ من الخضروات شيئا ، وطاوس لم يدرك ذلك ; لأن معاذا - رضي الله عنه - إنما قدم اليمن ، في عهد رسول الله - عليه السلام - ولم يولد طاوس حينئذ ، فكان معنى قوله : "قدم علينا " أي : قدم بلدنا . وروي عن الحسن أنه قال : خطبنا عتبة بن غزوان ، " يريد خطبته بالبصرة . لم يكن والحسن بالبصرة حينئذ ; لأن قدومه لها إنما كان قبل صفين بعام .
حدثنا ، قال : ثنا ابن أبي داود ، قال : ثنا يوسف بن عدي ، عن ابن إدريس ، عن شعبة أبي رجاء ، قال : "قلت : متى قدمت للحسن البصرة ؟ ؟ قال : قبل صفين بعام ، فكان معنى قول النزال ( : "قال لنا رسول الله - عليه السلام - " ومعنى قول طاوس ( : "قدم علينا معاذ ) " ومعنى قول الحسن ( : "خطبنا عتبة ) بن غزوان " إنما يريدون بذلك قومهم وبلدتهم لا أنهم حضروا ذلك ولا شهدوه ، فكذلك قول أبي هريرة - رضي الله عنه - في حديث [ ص: 71 ] ذي اليدين "صلى بنا رسول الله - عليه السلام - " إنما يريد صلى بالمسلمين لا على أنه شهد ذلك ولا حضره ، فانتفى بما ذكرنا أن يكون في قوله : "صلى بنا رسول الله - عليه السلام - " في حديث ذي اليدين ، ما يدل على أن ما كان من ذلك ، بعد نسخ الكلام في الصلاة .