الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1449 118 - حدثنا آدم، قال: حدثنا شعبة، قال: حدثنا سيار أبو الحكم، قال: سمعت أبا حازم، قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من حج لله، فلم يرفث، ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: (رجع كيوم ولدته أمه)

                                                                                                                                                                                  (ذكر رجاله): وهم خمسة:

                                                                                                                                                                                  الأول: آدم بن أبي إياس.

                                                                                                                                                                                  الثاني: شعبة بن الحجاج.

                                                                                                                                                                                  الثالث: سيار بفتح السين المهملة، وتشديد الياء آخر الحروف، وبعد الألف راء على وزن فعال.

                                                                                                                                                                                  فقال أبو الحكم: بفتحتين، مر في أول التيمم.

                                                                                                                                                                                  الرابع: أبو حازم بالحاء المهملة، والزاي اسمه سليمان الأشجعي، مات في أيام عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه. وأما أبو حازم سلمة بن دينار صاحب سهل بن سعد، فلم يسمع من أبي هريرة رضي الله تعالى عنه.

                                                                                                                                                                                  الخامس: أبو هريرة.

                                                                                                                                                                                  (ذكر لطائف إسناده):

                                                                                                                                                                                  فيه التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع.

                                                                                                                                                                                  وفيه السماع في ثلاثة مواضع.

                                                                                                                                                                                  وفيه القول في موضعين.

                                                                                                                                                                                  وفيه راويان مذكوران بالكنية أحدهما باسمه.

                                                                                                                                                                                  وفيه راويان ذكرا بلا نسبة إلى الأب.

                                                                                                                                                                                  وفيه أن شيخه من خراسان، وسكن عسقلان، وشعبة وسيار واسطيان، وأبو حازم كوفي.

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه مسلم، عن هشيم بن منصور.

                                                                                                                                                                                  (ذكر معناه):

                                                                                                                                                                                  قوله: (من حج لله) وفي رواية للبخاري: (من حج هذا البيت) وفي رواية مسلم من طريق جرير، عن منصور (من أتى هذا البيت) وفي رواية الدارقطني من طريق الأعمش عن أبي حازم بلفظ (من حج أو اعتمر) وفي رواية الترمذي من حديث ابن مسعود (تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحج المبرور ثواب دون الجنة) وفي رواية أحمد من حديث جابر ( الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة. قالوا: يا رسول الله، ما الحج المبرور؟ قال: إطعام الطعام، وإفشاء السلام ). وفيه مقال. وقال أبو حاتم : هذا حديث منكر يشبه الموضوع.

                                                                                                                                                                                  وفي رواية الحاكم من حديث جابر ( سئل النبي صلى الله عليه وسلم ما بر الحج؟ قال: إطعام الطعام وطيب الكلام ) وقال: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

                                                                                                                                                                                  قوله: (فلم يرفث) بضم الفاء وكسرها، الفاء فيه عطف على الشرط، أعني قوله: (من).

                                                                                                                                                                                  ويرفث بضم الفاء وكسرها وفتحها، والأفصح الفتح في الماضي والضم في المستقبل.

                                                                                                                                                                                  وقال ابن سيده: الرفث الجماع، وقد رفث إليها ورفث في كلامه يرفث رفثا، وأرفث أفحش، والرفث التعريض بالنكاح، وفي (الجامع) الرفث اسم جامع لكل شيء مما يريد الرجل من المرأة.

                                                                                                                                                                                  قوله: (ولم يفسق) الفسق العصيان، والترك لأمر الله تعالى، والخروج عن طريق الحق، فسق يفسق ويفسق فسقا وفسوقا، وفسق بالضم عن اللحياني، وقال: رواه الأحمر، ولم يعرفه الكسائي.

                                                                                                                                                                                  وقيل: الفسق الخروج عن الدين، ورجل فاسق وفسيق وفسق، ويقال في المرء: يا فسق، وللأنثى يا فساق، والفسق الخروج عن الأمر، ذكره ابن سيده.

                                                                                                                                                                                  وقال القزاز: أصله من قولهم: "انفسقت [ ص: 136 ] الرطبة" إذا أخرجت من قشرها، فسمي بذلك الفاسق لخروجه من الخير وانسلاخه منه.

                                                                                                                                                                                  وقيل: الفاسق الجائر. قالوا: والفسق والفسوق في الدين اسم إسلامي لم يسمع في الجاهلية، ولا يوجد في أشعارهم، وإنما هو محدث سمي به الخارج عن الطاعة بعد نزول القرآن العظيم.

                                                                                                                                                                                  وقال ابن الأعرابي: لم يسمع قط في كلام الجاهلية ولا في شعرهم "فاسق" وهذا عجيب، وهو كلام عربي.

                                                                                                                                                                                  قوله: (رجع كيوم ولدته أمه) أي: رجع مشابها لنفسه في البراء من الذنوب في يوم ولدته أمه، ورجع بمعنى صار، جواب الشرط، ولفظ (كيوم) يجوز فيه البناء على الفتح.

                                                                                                                                                                                  (فإن قلت): ذكر هنا الرفث والفسوق ولم يذكر الجدال، كما في القرآن.

                                                                                                                                                                                  (قلت): اعتمادا على الآية. والله أعلم.



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية