الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
1107 187 - حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16474عبد الله بن يزيد، قال: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15986سعيد بن أبي أيوب، قال: حدثني nindex.php?page=showalam&ids=11823أبو الأسود، عن nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها قالت: nindex.php?page=hadith&LINKID=651090كان النبي صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=treesubj&link=25439_1097إذا صلى [ ص: 218 ] ركعتي الفجر اضطجع على شقه الأيمن.
مطابقته للترجمة ظاهرة، وشيخه وشيخ شيخه قد ذكروا في الباب السابق، وأبو الأسود ضد الأبيض اسمه محمد بن عبد الرحمن المشهور بيتيم عروة ، مر في "باب الجنب يتوضأ" nindex.php?page=showalam&ids=16561وعروة بن الزبير بن العوام .
الكلام في هذا الباب على أنواع:
الأول: أن هذا الحديث يدل على أن nindex.php?page=treesubj&link=1097الاضطجاع بعد ركعتي الفجر ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عنها nindex.php?page=hadith&LINKID=651091 " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى ركعتي الفجر، فإن كنت مستيقظة حدثني وإلا اضطجع " فهذا يدل على أنه تارة يضطجع قبل، وتارة بعد، وتارة لا يضطجع، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس الذي مضى في "باب ما جاء في الوتر" يدل على أنه قبلهما ; لأنه قال فيه: " ثم صلى ركعتين " فذكره مكررا، ثم قال: " ثم أوتر، ثم اضطجع حتى جاءه المؤذن، فقام فصلى ركعتين، ثم خرج فصلى الصبح " وهذا يصرح بأن اضطجاعه كان قبل ركعتي الفجر، وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا أنه كان إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع، والتوفيق بين هذه الروايات أن الرواية التي تدل على أنه قبل ركعتي الفجر لا تستلزم نفيه بعدهما، وكذلك الرواية التي تدل على أنه بعدهما لا تستلزم نفيه قبلهما، أو يحمل تركه إياه قبلهما أو بعدهما على بيان الجواز إذا ثبت الترك، وإذا أمكن الجمع بين الأحاديث المخالف بعضها بعضا في الظاهر تحمل على وجه التوفيق بينهما ; لأن العمل بالكل مع الإمكان أولى من إهمال بعضها.
النوع الثاني: في أن هذه الضجعة سنة أو مستحبة أو واجبة أو غير ذلك، ففيه اختلاف العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم على ستة أقوال:
أحدها: أنه سنة، وإليه ذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأصحابه، وقال النووي في شرح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، والصحيح أو الصواب أن الاضطجاع بعد سنة الفجر سنة، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في السنن: وقد أشار nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي إلى أن الاضطجاع المنقول في الأحاديث للفصل بين النافلة والفريضة، وسواء كان ذلك الفصل بالاضطجاع أو التحدث أو التحول من ذلك المكان إلى غيره أو غيره، والاضطجاع غير متعين في ذلك، وقال النووي في شرح المهذب: المختار الاضطجاع.
القول الثاني: أنه مستحب، وروي ذلك عن جماعة من الصحابة، وهم: nindex.php?page=showalam&ids=110أبو موسى الأشعري ، nindex.php?page=showalam&ids=46ورافع بن خديج ، nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس بن مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة ، وإليه ذهب جماعة من التابعين، وهم: nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين ، nindex.php?page=showalam&ids=16561وعروة ، nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب ، nindex.php?page=showalam&ids=14946والقاسم بن محمد ، nindex.php?page=showalam&ids=16561وعروة بن الزبير ، nindex.php?page=showalam&ids=11947وأبو بكر بن عبد الرحمن ، وخارجة بن زيد بن ثابت ، nindex.php?page=showalam&ids=16523وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، nindex.php?page=showalam&ids=16049وسليمان بن يسار ، وكانوا يضطجعون على أيمانهم بين ركعتي الفجر، وصلاة الصبح.
القول الثالث: أنه واجب مفترض لا بد من الإتيان به، وهو قول أبي محمد بن حزم فقال: ومن ركع ركعتي الفجر لم تجزه صلاة الصبح إلا بأن يضطجع على جنبه الأيمن بين سلامه من ركعتي الفجر وبين تكبيره لصلاة الصبح، وسواء ترك الضجعة عمدا أو نسيانا، وسواء صلاها في وقتها أو صلاها قاضيا لها من نسيان أو نوم، وإن لم يصل ركعتي الفجر لم يلزمه أن يضطجع، واستدل فيه بما رواه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17072مسدد ، وأبو كامل ، وعبيد الله بن عمرو بن ميسرة قالوا: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16496عبد الواحد ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12045أبي صالح ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " nindex.php?page=hadith&LINKID=672993إذا صلى أحدكم الركعتين قبل الصبح فليضطجع على يمينه ". ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي أيضا وقال: حديث حسن صحيح غريب، وروى nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16068سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه، " عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: nindex.php?page=hadith&LINKID=651090كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع " فما رواه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود يخبر عن أمره، وما رواه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه يخبر عن فعله، وأجابوا عن هذا بأجوبة:
الأول: أن عبد الواحد الراوي عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش قد تكلم فيه، فعن يحيى أنه ليس بشيء، وعن nindex.php?page=showalam&ids=14923عمرو بن علي الفلاس سمعت nindex.php?page=showalam&ids=11998أبا داود قال: عمد nindex.php?page=showalam&ids=16496عبد الواحد إلى أحاديث كان يرسلها nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش فوصلها يقول: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد في كذا وكذا.
الثاني: أن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش قد عنعن، وهو مدلس.
الثالث: أنه لما بلغ ذلك nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال: أكثر nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة على نفسه حتى حدث بهذا الحديث.
الرابع: أن الأئمة حملوا الأمر الوارد فيه على الاستحباب، وقيل في رواية nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي عن nindex.php?page=showalam&ids=12045أبي صالح ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة : إنه معلول، لم يسمعه nindex.php?page=showalam&ids=12045أبو صالح عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، وبين nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش وبين nindex.php?page=showalam&ids=12045أبي صالح كلام، ونسب هذا القول إلى nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13665الأثرم : سمعت nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد يسأل عن الاضطجاع قال: ما أفعله أنا.
(قلت): فإن فعله رجل ثم سكت كأنه لم يعبه أن فعله قيل له: لم لا تأخذ به قال: ليس فيه حديث يثبت. (قلت): له حديث nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12045أبي صالح ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال: رواه بعضهم مرسلا. (فإن قلت): nindex.php?page=showalam&ids=16496عبد الواحد بن زياد [ ص: 219 ] احتج به الأئمة الستة، ووثقه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، وأبو زرعة ، nindex.php?page=showalam&ids=13053وأبو حاتم ، ومحمد بن سعد ، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ، nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان . (قلت): سلمنا ذلك، ولكن الأجوبة الباقية تكفي لدفع الوجوب بحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة .
القول الرابع: أنه بدعة، وممن قال به من الصحابة nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود ، nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر على اختلاف عنه، فروى nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة في مصنفه من رواية إبراهيم قال: قال عبد الله : ما بال الرجل إذا صلى الركعتين يتمعك كما تتمعك الدابة والحمار إذا سلم فقد فصل ، وروى أيضا nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد قال: صحبت nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر في السفر والحضر، فما رأيته اضطجع بعد الركعتين ، ومن رواية nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب قال: رأى nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رجلا يضطجع بين الركعتين فقال: احصبوه ومن رواية أبي مجلز قال: سألت nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر عن ضجعة الرجل على يمينه بعد الركعتين قبل صلاة الفجر، قال: يتلعب بكم الشيطان ، ومن رواية زيد العمي ، عن أبي الصديق الناجي قال: رأى nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قوما اضطجعوا بعد ركعتي الفجر، فأرسل إليهم فنهاهم فقالوا: نريد بذلك السنة فقال nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : ارجع إليهم، فأخبرهم أنها بدعة ، وممن كره ذلك من التابعين الأسود بن زيد ، nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي ، وقال: هي ضجعة الشيطان ، nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب ، nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ، ومن الأئمة nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس ، وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض عنه، وعن جمهور العلماء.
القول الخامس: إنه خلاف الأولى، روى nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة في مصنفه عن الحسن أنه كان لا يعجبه الاضطجاع بعد ركعتي الفجر.
القول السادس: أنه ليس مقصودا لذاته، وإنما المقصود الفصل بين ركعتي الفجر وبين الفريضة، إما باضطجاع أو حديث أو غير ذلك، وهو محكي عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي كما ذكرنا.
النوع الثالث: أنه على قول من يراه مستحبا أو سنة أن يكون على يمينه، لورود الحديث به كذلك، وهل تحصل سنة الاضطجاع بكونه على شقه الأيسر، أما مع القدرة على ذلك فالظاهر أنه لا تحصل به السنة لعدم موافقته للأمر، وأما إذا كان به ضرر في الشق الأيمن لا يمكن معه الاضطجاع، أو يمكن لكن مع مشقة، فهل يضطجع على اليسار أو يشير إلى الاضطجاع على الجانب الأيمن لعجزه عن كماله كما يفعل من عجز عن الركوع والسجود في الصلاة، قال شيخنا زين الدين : لم أر لأصحابنا فيه نصا، وجزم nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم بأنه يشير إلى الاضطجاع على الجانب الأيمن، ولا يضطجع على الأيسر.
النوع الرابع: في nindex.php?page=treesubj&link=25439الحكمة على الجانب الأيمن ، وهي أن القلب في جهة اليسار، فإذا نام على اليسار استغرق في النوم لاستراحته بذلك، وإذا نام على جهة اليمين تعلق في نومه فلا يستغرق.