الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
713 134 - حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13941موسى قال: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16496عبد الواحد، قال: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن nindex.php?page=showalam&ids=12162أبي معمر قال: قلنا nindex.php?page=showalam&ids=211لخباب: nindex.php?page=hadith&LINKID=672601أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=treesubj&link=1568يقرأ في الظهر والعصر؟ قال: نعم، قلنا: بم كنتم تعرفون ذاك؟ قال: باضطراب لحيته.
الرابع: عمارة بضم العين المهملة وتخفيف الميم ابن عمير تصغير عمر، التيمي ابن تيم الله الكوفي .
الخامس: nindex.php?page=showalam&ids=12161أبو معمر بفتح الميمين عبد الله بن سخبرة بفتح السين المهملة، وسكون الخاء المعجمة، وفتح الباء الموحدة، وبالراء الأزدي .
السادس: nindex.php?page=showalam&ids=211خباب بفتح الخاء المعجمة، وتشديد الباء الموحدة، وفي آخره باء أخرى ابن الأرت بفتح الهمزة وبالراء، وتشديد التاء المثناة من فوق أبو عبد الله التيمي، لحقه سبي في الجاهلية، فاشترته امرأة خزاعية، فأعتقته، وهو من السابقين إلى الإسلام، سادس ستة المعذبين في الله على إسلامهم، شهد المشاهد، وروي له اثنان وثلاثون حديثا، nindex.php?page=showalam&ids=12070وللبخاري خمسة، مات سنة سبع وثلاثين بالكوفة، وهو أول من صلى عليه nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه منصرفه من صفين.
(ذكر لطائف إسناده) فيه التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع، وفيه العنعنة في موضعين، وفيه القول في أربعة مواضع بصيغة الإفراد من الماضي، وبصيغة الجمع في موضع، وفيه أن رواته ما بين بصري وكوفي، وفيه عن nindex.php?page=showalam&ids=16654عمارة، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=15730حفص بن غياث، عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش حدثنا عمارة.
(ذكر تعدد موضعه، ومن أخرجه غيره) أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا في الصلاة، عن nindex.php?page=showalam&ids=14906محمد بن يوسف، عن nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري، وعن nindex.php?page=showalam&ids=16665عمر بن حفص، عن أبيه، وعن nindex.php?page=showalam&ids=16818قتيبة، عن جرير، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود فيه عن nindex.php?page=showalam&ids=17072مسدد، عن nindex.php?page=showalam&ids=16496عبد الواحد، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي فيه عن nindex.php?page=showalam&ids=17259هناد بن السري، عن nindex.php?page=showalam&ids=12156أبي معاوية، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه فيه، عن علي بن محمد، عن nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ستتهم عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش، عن عمارة بن عمير عنه به.
(ذكر معناه) قوله: " أكان " الهمزة فيه للاستفهام والاستخبار. قوله: " يقرأ " قال الكرماني : يقرأ أي غير الفاتحة؛ إذ لا شك في قراءتها.
(قلت): هذا تحكم ولا دليل عليه، فظاهر الكلام أن سؤالهم عن خباب عن قراءة النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - في الظهر والعصر، عن مطلق القراءة؛ لأنهم ربما كانوا يظنون أن لا قراءة فيهما لعدم جهر القراءة فيهما، ألا ترى ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود في سننه: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17072مسدد، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16501عبد الوارث، عن موسى بن سالم، حدثنا عبد الله بن عبيد الله، قال: " nindex.php?page=hadith&LINKID=672608دخلت [ ص: 305 ] على nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في شباب من بني هاشم، فقلنا لشاب: سل nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الظهر والعصر؟ فقال: لا لا، فقيل له: إن ناسا يقرؤون في الظهر والعصر، فقال: فلعله كان يقرأ في نفسه، فقال خمشا هذه شر من الأولى، كان عبدا مأمورا بلغ ما أرسل به " الحديث.
وروى nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة : " عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه قيل له: إن ناسا يقرؤون في الظهر والعصر؟ فقال: لو كان لي عليهم سبيل لقلعت ألسنتهم، إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ، وكانت قراءته لنا قراءة، وسكوته لنا سكوتا "، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار عن nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة : " nindex.php?page=hadith&LINKID=682634أن رجلا سأل nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عن القراءة في الظهر والعصر، فقال: قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صلوات فنقرأ فيما قرأ فيه، ونسكت فيما سكت، فقلت: كان يقرأ في نفسه، فغضب، وقال: أتتهمون رسول الله - صلى الله عليه وسلم ".
وإلى هذه الأحاديث ذهب قوم، منهم: nindex.php?page=showalam&ids=16072سويد بن غفلة، والحسن بن صالح، nindex.php?page=showalam&ids=13382وإبراهيم ابن علية، nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك في رواية، وقالوا: لا قراءة في الظهر والعصر أصلا.
(قلت): فإذا كان الأمر كذلك كيف يقول الكرماني : " يقرأ ": أي غير الفاتحة، ويأتي بالتقييد في موضع الإطلاق من غير دليل يقوم به، ولكن لا بدع في هذا منه؛ فإنه لم يطلع على أحاديث هذا الباب، ولا على اختلاف السلف فيه، وقصده مجرد تمشية مذهبه؛ نصرة لإمامه من غير برهان، ونذكر عن قريب الكلام فيه مستوفى.
قوله: " قال: نعم ": أي نعم كان يقرأ. قوله: " فقلنا " بالفاء العاطفة، ويروى " قلنا " بدون الفاء قوله: " بم كنتم " أصله بما، فحذفت الألف تخفيفا. قوله: " تعرفون ذلك "، ويروى " ذاك "، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي : " nindex.php?page=hadith&LINKID=700997بأي شيء كنتم تعرفون ذلك "، وفي لفظ nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري : " nindex.php?page=hadith&LINKID=650719بأي شيء كنتم تعلمون قراءته "، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة : " nindex.php?page=hadith&LINKID=677331بأي شيء كنتم تعرفون قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم ".
قوله: " باضطراب لحيته " بكسر اللام: أي بحركتها، وقد جاء في بعض الروايات: " لحييه " بفتح اللام وبالياءين أولاهما مفتوحة والأخرى ساكنة وهي تثنية لحي بفتح اللام وسكون الحاء، وهو منبت اللحية من الإنسان، وفي المحكم: اللحية اسم لجمع من الشعر ما ينبت على الخدين والذقن، واللحي الذي ينبت عليه العارض، والجمع ألح ولحى وألحاء، وفي الجامع للقزاز يقال: لحية بكسر اللام، ولحية بفتح اللام، والجمع لحى ولحى.
(ذكر ما يستفاد منه) استدل بالحديث المذكور على nindex.php?page=treesubj&link=879_868وجوب القراءة في الظهر والعصر، قال nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي رحمه الله بعد أن روى هذا الحديث: فلم يكن في هذا دليل عندنا على أنه قد كان يقرأ فيهما؛ لأنه قد يجوز أن تضطرب لحيته بتسبيح يسبحه، أو دعاء، ولكن الذي حقق القراءة منه في هاتين الصلاتين ما قد رويناه من الآثار التي في الفصل الذي قبل هذا.
(قلت): أراد بها ما رواه عن nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة، nindex.php?page=showalam&ids=44وأبي سعيد الخدري، وجابر بن سمرة، nindex.php?page=showalam&ids=40وعمران بن حصين، nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة، nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس بن مالك، وعلي .
أما حديث nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة فأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري على ما يأتي عن قريب، وكذلك حديث nindex.php?page=showalam&ids=98جابر بن سمرة .
وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري فأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عنه: " nindex.php?page=hadith&LINKID=657696أن النبي - عليه الصلاة والسلام - كان يقرأ في صلاة الظهر في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر ثلاثين آية، وفي الأخريين قدر خمس عشرة آية - أو قال: نصف ذلك - وفي العصر الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر خمس عشرة آية، وفي الأخريين قدر نصف ذلك ".
وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين فأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عنه: " nindex.php?page=hadith&LINKID=657611أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر، فجعل رجل يقرأ بسبح اسم ربك الأعلى، فلما انصرف قال: أيكم قرأ، أو أيكم القارئ؟ قال رجل: أنا. قال قد علمت أن بعضكم خالجنيها ": أي نازعني قراءتها.
وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة فأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي، عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء قال: قال nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة : " nindex.php?page=hadith&LINKID=650730كل صلاة يقرأ فيها فما أسمعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسمعناكم وما أخفى عنا أخفينا عنكم ".
وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس فأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من حديث عبد الله بن عبيد قال: سمعت أبا بكر بن النضر قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=667223كنا بالطف عند nindex.php?page=showalam&ids=9أنس، فصلى بهم الظهر، فلما فرغ قال: إني صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الظهر فقرأ لنا بهاتين السورتين في الركعتين بسبح اسم ربك الأعلى، وبهل أتاك حديث الغاشية "، وهذه الأحاديث قد حققت القراءة من النبي - صلى الله عليه وسلم - في الظهر والعصر، وانتفى ما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس الذي ذكرناه عن قريب؛ لأن غيره من الصحابة قد تحققوا قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الظهر والعصر.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي في جواب هذا: إنه وهم من nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس؛ لأنه ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقرأ في الظهر والعصر من طرق كثيرة، كحديث nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة وخباب بن الأرت وغيرهما.
(قلت): عندي جواب أحسن من هذا مع رعاية الأدب في حق nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، وهو أن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس استند في هذا [ ص: 306 ] أولا على قوله تعالى: nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=72أقيموا الصلاة وهو مجمل، بينه النبي - صلى الله عليه وسلم - بفعله، ثم قال: " nindex.php?page=hadith&LINKID=20870صلوا كما رأيتموني أصلي "، والمروي هو الأفعال دون الأقوال، فكانت الصلاة اسما للفعل في حق الظهر والعصر، والفعل والقول في حق غيرهما، ولم يبلغ nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قراءته صلى الله عليه وسلم - في الظهر والعصر، فلذلك قال في جوابه عبد الله بن عبيد الله بن عباس بن عبد المطلب : فلما بلغه خبر قراءته صلى الله عليه وسلم - فيهما، وثبت عنده رجع عن ذلك القول، والدليل عليه ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة في مصنفه، حدثنا سفيان، عن nindex.php?page=showalam&ids=16024سلمة بن كهيل، عن الحسن العرني، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : " nindex.php?page=hadith&LINKID=667228كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الظهر والعصر ".
(ومما يستفاد منه) ما ترجم عليه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وهو رفع البصر إلى الإمام، وقد اختلف العلماء في ذلك أعني في nindex.php?page=treesubj&link=1561_22750رفع البصر إلى أي موضع في صلاته، فقال أصحابنا، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور: إلى موضع سجوده، وروي ذلك عن إبراهيم، nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين، وفي التوضيح: واستثنى بعض أصحابنا إذا كان مشاهدا للكعبة فإنه ينظر إليها، وقال القاضي حسين : ينظر إلى موضع سجوده في حال قيامه، وإلى قدميه في ركوعه، وإلى أنفه في سجوده، وإلى حجره في تشهده؛ لأن امتداد النظر يلهي، فإذا قصر كان أولى، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : ينظر أمامه، وليس عليه أن ينظر إلى موضع سجوده وهو قائم، قال: وأحاديث الباب تشهد له؛ لأنهم لو لم ينظروا إليه عليه الصلاة والسلام - ما رأوا تأخره حين عرضت عليه جهنم، ولا رأوا اضطراب لحيته، ولا استدلوا بذلك على قراءته، ولا نقلوا ذلك، ولا رأوا تناوله فيما تناوله في قبلته حين مثلت له الجنة، ومثل هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: " nindex.php?page=hadith&LINKID=650692إنما جعل الإمام ليؤتم به "؛ لأن الائتمام لا يكون إلا بمراعاة حركاته في خفضه ورفعه.