الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
2391 12 - حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17074مسعر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15917زرارة بن أوفى ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=652343nindex.php?page=treesubj&link=28642_30534_16481_28442إن الله تجاوز لي عن أمتي ما وسوست به صدورها ما لم تعمل أو تكلم .
قيل : لا مطابقة بين الحديث والترجمة لأنه ليس فيه شيء يطابق الترجمة لأن حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة في وسوسة الصدور ، ولو ذكر حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس المذكور الآن لكان أنسب ، وأجاب الكرماني بشيء يقرب منه أخذ وجه المطابقة حيث قال : أولا ما وجه تعلق الحديث بالوسوسة ؟ ثم قال : قلت : القياس على الوسوسة فكما أنها لا اعتبار لها عند عدم التوطين فكذلك الناسي والمخطئ لا توطين لهما .
( ذكر رجاله ) وهم ستة الأول : nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي بضم الحاء نسبة إلى حميد أحد أجداد الراوي ، وهو عبد الله بن الزبير بن عيسى بن عبيد الله بن أسامة بن عبد الله بن الزبير بن حميد أبو بكر .
الثاني : nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة .
الثالث : nindex.php?page=showalam&ids=17074مسعر بكسر الميم وسكون السين وفتح العين المهملة ابن كدام .
الرابع : nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة .
السادس : nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة .
( ذكر nindex.php?page=treesubj&link=29140لطائف إسناده ) فيه التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع ، وفيه العنعنة في ثلاثة مواضع ، وفيه أن شيخه ، وشيخ شيخه مكيان ، nindex.php?page=showalam&ids=14171والحميدي قد مر في أول الصحيح ، وفيه حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي ، ويروى : حدثني بصيغة الإفراد ، وفيه أن nindex.php?page=showalam&ids=17074مسعرا nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة كوفيان ، وأن nindex.php?page=showalam&ids=15917زرارة بصري قاضي البصرة ، وليس له في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري إلا أحاديث يسيرة ، وفيه عن nindex.php?page=showalam&ids=15917زرارة ، وفي الأيمان والنذور حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15917زرارة .
( ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره ) أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا في الطلاق عن nindex.php?page=showalam&ids=17081مسلم بن إبراهيم ، وفي النذور عن nindex.php?page=showalam&ids=15825خلاد بن يحيى ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في الأيمان عن nindex.php?page=showalam&ids=16818قتيبة ، nindex.php?page=showalam&ids=16000وسعيد بن منصور ، ومحمد بن عبيد ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=16696عمرو الناقد ، وزهير بن حرب ، وعن ابن المثنى ، nindex.php?page=showalam&ids=12991وابن بشار ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=12508أبي بكر بن أبي شيبة ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=11997زهير بن حرب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=15106إسحاق بن منصور ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود في الطلاق عن nindex.php?page=showalam&ids=17081مسلم بن إبراهيم به ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي فيه عن nindex.php?page=showalam&ids=16818قتيبة به ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي في الطلاق عن nindex.php?page=showalam&ids=12129عبيد الله بن سعيد ، وعن موسى بن عبد الرحمن ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه فيه عن nindex.php?page=showalam&ids=12508أبي بكر بن أبي شيبة به ، وعن حميد بن مسعدة ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=17246هشام بن عمار .
( ذكر معناه ) قوله : " إن الله تجاوز لي عن أمتي " وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي " تجاوز الله لأمتي " ، قوله : " لي " أي لأجلي ، قوله : " ما وسوست به صدورها " جملة في محل النصب على المفعولية ، وكلمة " ما " موصولة ، و" وسوست " صلتها و" به " عائد ، و" صدورها " بالرفع فاعل " وسوست " ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=13722الأصيلي بالنصب على أن " وسوست " تضمن معنى حدثت ، ويأتي في الطلاق بلفظ : " ما حدثت به أنفسها " ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي : " عما حدثت به أنفسها " ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=15397للنسائي : nindex.php?page=hadith&LINKID=669641 " إن الله تجاوز لأمتي ما وسوست به وحدثت به أنفسها " ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي : وأهل اللغة يقولون : " أنفسها " بالضم يريدون بغير اختيارها كما قال الله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=16ونعلم ما توسوس به نفسه واعترض عليه بأن قوله : بالضم ليس بجيد بل الصواب بالرفع لأنها حركة إعراب ، قلت : ليس هذا موضع المناقشة بالرد عليه لأن الرفع هو الضم في الأصل غاية ما في الباب أن النحاة يستعملون في الإعراب الرفع ، وفي البناء الضم بل يستعمل [ ص: 89 ] كل منهما موضع الآخر خصوصا عند الفقهاء ، والوسوسة حديث النفس ، والأفكار ، وقد وسوست إليه نفسه وسوسة ووسواسا بالكسر ، وهو بالفتح الاسم ، ووسوس إذا تكلم بكلام لم يبينه حاصله أن الوسوسة تردد الشيء في النفس من غير أن تطمئن إليه وتستقر عنده ، قوله : " ما لم تعمل " أي في العمليات أو تكلم في القوليات ، وأما قول nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : إن المراد بقوله : " ما لم تكلم " الكلام النفسي إذ هو الكلام الأصلي ، وإن القول الحقيقي هو الوجود بالقلب الموافق للعلم فهو مردود عليه ، وإنما قاله تعصبا لما حكي عن مذهبه من وقوع الطلاق بالعزم ، وإن لم يتلفظ ، وحكاه عن رواية nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في الطلاق ، والعتق ، والنذر أنه يكفي فيه عزمه ، وقوله : وجزمه في قلبه بكلامه النفسي الحقيقي ، ونصر ذلك بأن اللسان معبر عما في القلب فما كان يملكه الواحد كالنذر ، والطلاق ، والعتاق كفى فيه عزمه ، وما كان من التصرفات بين اثنين لم يكن بد من ظهور القول ، وهذا في غاية البعد ، وقد نقضه nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي على قائله بالظهار وغيره ، فإنهم أجمعوا على أنه لو عزم على الظهار لم يلزمه حتى يلفظ به قال : وهو في معنى الطلاق ، وكذلك لو حدث نفسه بالقذف لم يكن قذفا ، ولو حدث نفسه في الصلاة لم يكن عليه إعادة ، وقد حرم الله تعالى الكلام في الصلاة ، فلو كان حديث النفس في معنى الكلام لكانت صلاته تبطل ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله تعالى عنه : إني لأجهز جيشي وأنا في الصلاة ، وممن قال بأن nindex.php?page=treesubj&link=11706طلاق النفس لا يؤثر nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح ، nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين ، nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن ، nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ، nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ، nindex.php?page=showalam&ids=11867وجابر بن زيد ، nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة ، وأصحابه ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ، وإسحاق .
( ذكر ما يستفاد منه ) فيه أن هذه nindex.php?page=treesubj&link=30231المجاوزة من خصائص هذه الأمة ، وأن الأمم المتقدمة يؤاخذون بذلك ، وقد اختلف هل كان ذلك يؤاخذ به في أول الإسلام ، ثم نسخ ، وخفف ذلك عنهم أو تخصيص ، وليس بنسخ ، وذلك قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=284وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فقد قال غير واحد من الصحابة منهم nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة ، nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس : إنها منسوخة بقوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286لا يكلف الله نفسا إلا وسعها فإن قيل : قالوا : من عزم على المعصية بقلبه وإن لم يعملها يؤاخذ عليه ، وأجيب بأنه لا شك أن nindex.php?page=treesubj&link=30534العزم على المعصية وسائر الأعمال القلبية كالحسد ، ومحبة إشاعة الفاحشة يؤاخذ عليه ، لكن إذا وطن نفسه عليه ، والذي في الحديث هو ما لم يوطن عليه نفسه ، وإنما أمر ذلك بفكره من غير استقرار ، ويسمى هذا هما ، ويفرق بين الهم والعزم ، فإن قيل : المفهوم من لفظ " ما لم تعمل " مشعر بأن ما في الصدور موطنا وغير موطن لا يؤاخذ عليه ، وأجيب بأنه يجب الحمل على غير الموطن جمعا بينه وبين ما يدل على المؤاخذة كقوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=19إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة وأيضا لفظ الوسوسة لا يستعمل إلا عند التردد ، والتزلزل ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض : الهم ما يمر في الفكر من غير استقرار ولا توطن ، فإن استمر وتوطن عليه كان عزما يؤاخذ به ، أو يثاب عليه ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي : الذي ذهب إليه هو الذي عليه عامة السلف ، وأهل العلم ، والفقهاء ، والمحدثين ، والمتكلمين ، ولا يلتفت إلى من خالفهم في ذلك ، فزعم أن ما يهم به الإنسان وإن وطن به لا يؤاخذ به متمسكا في ذلك بقوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=24ولقد همت به وهم بها وبقوله صلى الله عليه وسلم : " ما لم تعمل أو تكلم " ، ومن لم يعمل بما عزم عليه ولا نطق به فلا الجواب عن الآية أن من الهم ما يؤاخذ به الإنسان وهو ما استقر واستوطن ، ومنه ما يكون أحاديث لا تستقر ، فلا يؤاخذ بها كما شهد به الحديث ، والذي يرفع الإشكال ويبين المراد حديث أبي كبشة عمرو بن سعد سمع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر حديثا فيه قالت الملائكة : ذاك عبدك يريد أن يعمل سيئة وهو أبصر به ، وزعم nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري أن فيه دلالة على أن nindex.php?page=treesubj&link=29655الحفظة يكتبون أعمال القلوب خلافا لمن قال : لا يكتبونها ، ولا يكتبون إلا الأعمال الظاهرة ، وبه استدل بعضهم على أنه إذا كتب بالطلاق وقع من قوله : " ما لم يعمل " ، والكتابة عمل وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد بن الحسن ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل ، وشرط nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك فيه الإشهاد على الكتابة ، وجعله nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي كناية إن نوى به الطلاق وقع ، وإلا فلا ، وفرق بعضهم بين أن يكتبه في بياض كالرق ، والورق ، واللوح ، وبين أن يكتبه على الأرض ، فأوقعه في الأول دون الثاني ، وفيه نظر .