الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : فإن دفن بلا صلاة صلي على قبره ما لم يتفسخ ) ; لأن { النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قبر امرأة من الأنصار } أطلقه فشمل ما إذا كان مدفونا بعد الغسل أو قبله كما قدمناه ، وهو رواية ابن سماعة عن محمد لكن صحح في غاية البيان معزيا إلى القدوري وصاحب التحفة أنه لا يصلى على قبره ; لأن الصلاة بدون الغسل ليست بمشروعة ، ولا يؤمر بالغسل لتضمنه أمرا حراما ، وهو نبش القبر فسقطت الصلاة ا هـ .

                                                                                        وقيد بالدفن ; لأنه لو وضع في قبره ، ولم يهل عليه التراب فإنه يخرج ويصلى عليه كما قدمناه وقيد بعدم التفسخ ; لأنه لا يصلى عليه بعد التفسخ ; لأن الصلاة شرعت على بدن الميت فإذا تفسخ لم يبق بدنه قائما ، ولم يقيد المصنف بمدة ; لأن الصحيح أن ذلك جائز إلى أن يغلب على الظن تفسخه والمعتبر فيه أكبر الرأي على الصحيح من غير تقدير بمدة كذا في شرح المجمع وغيره وظاهره أنه لو شك في تفسخه يصلى عليه والمذكور في غاية البيان أنه لو شك لا يصلى عليه رواه ابن رستم عن محمد ا هـ .

                                                                                        وإنما كان هذا هو الأصح ; لأنه يختلف باختلاف الأوقات في الحر والبرد وباختلاف حال الميت في السمن والهزال وباختلاف الأمكنة فيحكم فيه غالب الرأي ، فإن قيل روي عنه عليه السلام { أنه صلى على شهداء أحد بعد ثمانين سنة } فالجواب أن معناه والله أعلم أنه دعا لهم قال [ ص: 197 ] الله تعالى { وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم } والصلاة في الآية بمنزلة الدعاء وقيل إنهم لم تتفرق أعضاؤهم فإن معاوية لما أراد أن يحولهم وجدهم كما دفنوا فتركهم كذا في البدائع وحكم صلاة من لا ولاية له كعدم الصلاة أصلا فيصلى على قبره ما لم يتمزق كذا في المجتبى .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله بعد ثمانين سنة ) لعله بعد ثماني سنين ثم راجعت البدائع فرأيته كذلك فما هنا تحريف [ ص: 197 ] ( قوله وحكم صلاة من لا ولاية له كعدم الصلاة أصلا ) قيل هذا مخالف لما قدمه من أن الفرض قد تأدى بصلاة الأجنبي قلت لم أجد هذه العبارة في المجتبى ، وإنما الذي فيه إذا دفن قبل الصلاة أو صلى عليه من لا ولاية له يصلى عليه ما لم يتمزق . ا هـ

                                                                                        وهذا لا يخالفه ; لأنه يقال المراد بصلى عليه الولي قضاء لحقه ويمكن تأويل ما ذكره المؤلف أيضا بأن يقال معنى قوله كعدم الصلاة أي في حق الولي يعني أنها معتد بها لكن للولي أن يصليها كما لو لم يصل عليه أحد .




                                                                                        الخدمات العلمية