الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : ولو سمعها المصلي من غيره سجد بعد الصلاة ) لتحقق سببها ، وهو السماع قيد بقوله بعد الصلاة ; لأنه لا يسجدها فيها ; لأنها ليست بصلاتية ; لأن سماعه هذه السجدة ليس من أفعال الصلاة فيكون إدخالها فيها منهيا عنه ; لأن المصلي عند اشتغاله بسجدة التلاوة كان مأمورا بإتمام ركن هو فيه أو بانتقال إلى ركن آخر فيكون منهيا عن هذه السجدة ، فإن قيل يجب أن يسجدها قبل الفراغ ; لأن سبب الوجوب السماع ، وهو وجد في الصلاة ؟ قلنا نعم وجد فيها لكنه حصل بناء على التلاوة ، والتلاوة حصلت خارج الصلاة فتؤدى خارجها ( قوله : ولو سجد فيها أعادها لا الصلاة ) أي أعاد السجدة ، ولا يلزمه إعادة الصلاة ; لأنها ناقصة للنهي فلا يتأدى بها الكامل وهذا ; لأن حكم هذه التلاوة مؤخر إلى ما بعد الفراغ عن الصلاة فلا تصير سببا إلا بعده فلا يجوز تقديمه على سببه بخلاف ما لو تلاها في الأوقات المكروهة حيث يجوز أداؤها فيها ، وإن كانت ناقصة لتحقق السبب للحال ومحل إعادتها ما إذا لم يقرأها المصلي السامع غير المؤتم وأما إن قرأها وسجد لها فيها فإنه لا إعادة عليه أما إن كانت تلاوتها سابقة على سماعها فهو ظاهر الرواية ; لأن التلاوة الأولى من أفعال صلاته والثانية لا فحصلت الثانية تكرار الأولى من حيث الأصل والأولى باقية فجعل وصف الأولى للثانية فصارت من الصلاة فيكتفى بسجدة واحدة ، وإن سمعها أولا من أجنبي ثم تلاها المصلي وسجد لها فيها ففيه روايتان وجزم في السراج الوهاج لا يعيدها

                                                                                        ولو تلاها وسجد لها ثم أحدث فذهب وتوضأ ثم عاد إلى مكانه وبنى على صلاته ثم قرأ ذلك الأجنبي تلك الآية فعلى هذا المصلي أن يسجدها إذا فرغ من صلاته ; لأنه تحول عن مكانه فسمع الثانية بعد ما تبدل المجلس فرق بين هذا وبين ما إذا قرأ آية سجدة ثم سبقه الحدث فذهب ، وتوضأ ثم جاء وقرأ مرة أخرى لا تلزمه سجدة ، وإن قرأ الثانية بعدما تبدل المكان والفرق أن في المسألة الأولى المكان قد تبدل حقيقة وحكما أما الحقيقة فظاهر وأما الحكم فلأن السماع ليس من أفعالها بخلاف الثانية وتمامه في البدائع ، وإنما لم يعد الصلاة ; لأن زيادة ما دون الركعة لا يفسدها وقيده في التجنيس والمجتبى والولوالجية بأن لا يتابع المصلي السامع القارئ ، فإن سجد القارئ فتابعه المصلي فيها فسدت صلاته للمتابعة ولا تجزئه السجدة عما سمع ا هـ .

                                                                                        وقد قدمنا أن زيادة سجدة واحدة بنية المتابعة لغير إمامه مبطلة لصلاته ، وفي النوادر ، ولو قرأ الإمام [ ص: 132 ] السجدة فسجد فظن القوم أنه ركع فبعضهم ركع وبعضهم ركع وسجد سجدة وبعضهم ركع وسجد سجدتين فمن ركع ، ولم يسجد يرفض ركوعه ويسجد للتلاوة ، ومن ركع وسجد فصلاته تامة وسجدته تجزئه عن سجدة التلاوة ، ومن ركع وسجد سجدتين فصلاته فاسدة ; لأنه انفرد بركعة واحدة تامة ا هـ .

                                                                                        وذكر في الخلاصة في مسألة الكتاب لا تفسد صلاته هو الصحيح بناء على أن زيادة سجدة واحدة ساهيا أو سجدتين لا تفسد صلاته بالإجماع وإن كان عمدا فكذلك ، وإن ذكر في الجامع الصغير أنه يفسد عند محمد وذلك ليس بصحيح ذكره الصدر الشهيد في المبسوط ا هـ .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله وهذا ; لأن حكم هذه التلاوة ) تبع فيه الزيلعي واقتصر في النهر على التعليل الأول وقال : إن ما جرى عليه تبعا للشارح ممنوع .




                                                                                        الخدمات العلمية