الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله ( ولو نوى قضاء رمضان ولم يعين اليوم صح ولو عن رمضانين كقضاء الصلاة صح وإن لم ينو أول الصلاة عليه أو آخر صلاة عليه ) معناه لو كان عليه قضاء صوم يوم أو أكثر من رمضان واحد فقضاه ناويا عنه ولم يعين أنه عن يوم كذا جاز فكذا لو صام ونوى عن يومين أو أكثر جاز عن يوم واحد ولو نوى عن رمضانين أيضا يجوز وكذا قضاء الصلاة يجوز وإن لم يعين الصلاة ويومها ولم ينو أول صلاة عليه وهذا قول بعض المشايخ والأصح أنه يجوز في رمضان واحد ولا يجوز في رمضانين ما لم يعين أنه صائم عن رمضان سنة كذا على ما بينا ، وكذا في قضاء الصلاة لا يجوز ما لم يعين الصلاة ويومها بأن عين ظهر يوم كذا مثلا ولو نوى أول ظهر عليه أو آخر ظهر عليه جاز ; لأن الصلاة عليه تعينت بتعينه ، وكذا الوقت يعين لكونه أولا وآخرا فإن نوى أول صلاة عليه وصلى مما يليه يصير أولا أيضا فيدخل في نيته أول ظهر عليه ثانيا وكذلك ثالثا إلى ما لا يتناهى ، وكذا الآخر وهذا مخلص من لم يعرف الأوقات التي فاتته أو اشتبهت عليه أو أراد التسهيل على نفسه والأصل فيه أن الفروض متزاحمة فلا بد من تعيين ما يريد أداءه حتى تبرأ ذمته منه ; لأن فرضا من الفروض لا يتأدى بنية فرض آخر فكذا هذا ووجب التعيين والشرط تعيين الجنس بالنية ; لأنها شرعت لتمييز الأجناس المختلفة ولهذا يكون التعيين في الجنس الواحد لغوا لعدم الفائدة والتصرف إذا لم يصادف محله يكون نيته لغوا ويعرف اختلاف الجنس باختلاف السبب والصلوات كلها من قبيل المختلف حتى الظهرين من يومين والعصرين من يومين ; لأن وقت الظهر من يوم غير وقت الظهر من يوم آخر حقيقة وحكما ; لأن الخطاب لم يتعلق بوقت يجمعهما بل بدلوك الشمس ونحوه .

                                                                                        والدلوك في يوم غير الدلوك في يوم آخر بخلاف صوم رمضان ; لأنه متعلق بشهود الشهر لقوله تعالى { فمن شهد منكم الشهر فليصمه } وهو واحد ; لأنه عبارة عن ثلاثين يوما بلياليها فلذلك لا يحتاج فيه إلى تعيين صوم كذا حتى لو كان عليه قضاء يوم بعينه فصامه بنية يوم آخر وكان عليه قضاء صوم يومين أو أكثر فصام ناويا عن قضاء يومين أو أكثر جاز ، بخلاف ما إذا نوى عن رمضانين أوعن رمضان آخر حيث لا يجوز عن واحد منهما لاختلاف السبب وصار كما إذا نوى ظهرين أو ظهرا عن عصر أو نوى ظهر يوم السبت وعليه ظهر يوم الخميس ، وعلى هذا أداء الكفارة لا يحتاج إلى التعيين في جنس واحد ولو عين لغا وفي الأجناس لا بد منه ، وقد ذكرنا تفاصيلها في كفارة الظهار وذكر في المحيط في كتاب الكفارات نية التعين في الصلاة لم تشترط باعتبار أن الواجب مختلف متعدد بل باعتبار أن مراعاة الترتيب واجب عليه ولا يمكنه مراعاة الترتيب إلا بنية التعين حتى لو سقط الترتيب بكثرة الفوائت يكفيه نية الظهر لا غير وهذا مشكل ، وما ذكره أصحابنا مثل قاضي خان وغيره خلاف ذلك وهو المعتمد لما ذكرنا من المعنى ولأن الأمر كما كان قاله لجوازه مع وجود الترتيب أيضا لإمكان صرفه إلى الأول إذ لا يجب التعيين عنده ولا يفيد .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية