الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله ( ووصي الوصي وصي التركتين ) أي إذا مات الوصي فأوصى إلى غيره فهو وصي في تركته وتركة الميت الأول ، وقال الشافعي لا يكون وصيا في تركة الميت الأول ; لأن الميت فوض إليه التصرف ولم يفوض إليه الإيصاء إلى غيره فلا يملكه ولأنه رضي برأيه ولم يرض برأي غيره فصار كوصي الوكيل فإنه يكون وصيا في مال الوكيل خاصة دون مال الموكل ولأن العقد لا يقتضي [ ص: 530 ] مثله ألا ترى أن الوكيل ليس له أن يوكل ولا للمضارب أن يضارب .

                                                                                        وكذا الوصي ليس له أن يوصي في مال الموصى له ولنا أن الوصي تصرف بوصية مستقلة إليه فيملك الإيصاء إلى غيره كالجد ألا ترى أن الولاية التي كانت ثابتة للموصي تنتقل إلى الوصي ولهذا يقدم على الجد ولو لم ينتقل إليه لم يقدم عليه كالوكيل لما لم ينتقل إليه الولاية لم يتقدم على الجد فإذا انتقلت إليه الولاية يملك الإيصاء والذي يوضح ذلك أن الولاية التي كانت للوصي تنتقل إلى الجد في النفس وإلى الوصي في المال ثم الجد قام مقام الأب فيما ينتقل إليه حتى ملك الإيصاء فيه فكذلك الوصي ثم الجد وهذا ; لأن الإيصاء إقامة غيره مقامه فيما له ولايته ، وعند الموت كانت له ولاية في التركتين فينزل الثاني منزلته في التركتين ولا نسلم أنه لم يرض برأي من أوصى إليه الوصي بل وجد ما يدل عليه ; لأنه لما استعان به في ذلك مع علمه أنه تعتريه المنية صار راضيا بإضافته إلى غيره لا سيما على تقدير حصول الموت قبل تتميم مقصوده وهو ما فوض إليه بخلاف الوكيل ; لأن الموكل فيه يمكنه أن يحصل مقصوده بنفسه فلم يوجد دلالة الرضا بالتفويض إلى غيره بالتوكيل .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية