الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        وفي التجريد ولو أمر رجل عشرة رجال أن يضرب كل واحد منهم عبده سوطا ففعلوا ثم إن آخر ضرب سوطا ولم يأمره فمات العبد من ذلك كله فعلى [ ص: 394 ] الذي لم يؤمر أرش ما نقص بضربه مضروبا عشرة أسواط وعليه أيضا جزء من أحد عشر جزءا من قيمته مضروبا أحد عشر سوطا ولو أن المولى ضربه بيده عشرة أسواط ثم ضربه هذا الرجل سوطا ومات فعليه نقصان سوطه ونصف قيمته مضروبا أحد عشر سوطا وفي الجامع الصغير عن محمد فيمن اجتمع عليه الصبيان أو المجانين يريدون قتله وفي الحاوي أو أخذ ماله ولا يقدر على دفعهم إلا بالقتل قال ليس له أن يقتلهم ولو قتل تجب عليه الدية قال المعلى قلت : لمحمد إن صاحبنا يقول بالضمان وعنى أنه أبو مطيع قال المعلى كنت في الطواف ، فإذا محمد بن الحسن فقال يا خراساني القول ما قال صاحبكم قال الشيخ وبه يفتي ، وكان نصير يقضي بالضمان في الصبي والمجنون والبهيمة إذا قتله الرجل دافعا وكان الفقيه أبو بكر يفتي بعدم الضمان قال الفقيه أبو الليث هذا القول يخالف ما قيل في الروايات الظاهرة وفي فتاوى الذخيرة أمة الرجل إذا ارتدت والعياذ بالله تعالى فقتلها رجل فلا شيء على القاتل هكذا ذكر محمد وفي غيرها أن على القاتل قيمتها وفي النسفية سئل عمن سعى فيه إلى السلطان وأخذ من الرجل مالا ظلما هل يضمن للساعي قال نعم وروي هذا عن زفر وأخذ به كثير من مشايخنا لما فيه من المصلحة فتاوى الخلاصة .

                                                                                        من سعى برجل إلى السلطان حتى غرمه لا يخلو من ثلاثة أوجه أحدها إن كانت السعاية بحق بأن كان يؤذيه ولا يمكنه دفع الأذى إلا بالرفع إلى السلطان أو كان فاسقا لا يمتنع عن الفسق بالأمر بالمعروف وفي مثل هذا لا يضمن الساعي . الثاني : أن يقول إن فلانا وجد كنزا أو لقطة وظهر أنه كاذب ضمن إلا إذا كان السلطان عادلا لا يغرم بمثل هذه السعايات أو قد يغرم وقد لا يغرم لا يضمن الساعي الثالث إذا وقع في قلبه أن فلانا يجيء إلى امرأته فرفع إلى السلطان فغرمه السلطان ثم ظهر كذبه فعندهما لا يضمن الساعي وعند محمد يضمن وقال صدر الإسلام في كتاب اللقطة والفتوى على قول محمد لغلبة السعاية في زماننا وقيل سواء قال صدقا أو كذبا إن لم يكن محتسبا وليس للسلطان حق الأخذ على قياس قول محمد إذا أمر الأعوان بأخذ المال باعتبار الظاهر لا يجب واعتبار السعاية يجب أما إذا لم يأمر الأعوان ولكن أراه بيته وأخذ من بيته شيئا لا يضمن وقال الشيخ الإمام لا يضمن الجاني مطلقا قال الفقيه أبو الليث الساعي لا يضمن أيضا والمشايخ المتأخرون منهم القاضي الإمام علي السغدي والحاكم عبد الرحمن وغيرهما أفتوا بوجوب الضمان على الساعي هكذا اختار الصدر الشهيد وهو أصح ولو قال عند السلطان : إن لفلان قوسا جيدا أو جارية حسناء والسلطان يأخذ فأخذ يضمن ولو كان الساعي عبدا يطلب بعد العتق ولو اشترى شيئا فقيل له اشتريت بثمن غال فسعى عند ظالم وأخذه إن كان قال صدقا لا يضمن ، وإن كان كذبا يضمن .

                                                                                        وقال في الجامع الصغير قال أبو نصر الدبوسي فيمن قطع يد عبده أو قتله أن عليه التعزير وفي الفتاوى عن خلف قال سألت أسد بن عمرو عمن ضربه بيده أو رجله ومات منه قال هذا شبه العمد .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية