وإذا لم يقتص ولزمه الدية استحسانا وقال أقر القاتل بالخطأ وادعى الولي العمد : لا يلزمه شيء قياسا ; لأن ما أقر به لم يثبت ; لأنه كذبه المدعي في إقراره بمقتضى دعواه القصاص ، وصار كما لو زفر لا يلزمه شيء فكذا هذا ولنا أنهما تصادقا على القتل إلا أنه تعذر استيفاء القصاص بمعنى من قبل [ ص: 360 ] القاتل ، وهو دعوى الخطأ فتجب الدية صونا لدمه عن الهدر ; ولأن في زعم الولي أن القصاص هو الواجب إلا أنه لما أقر بالخطأ ، فقد أقر بالمال ، وللولي ترك القصاص وأخذ المال ولم يكن به صريحا فيكون له أخذ المال ، ولو أقر القاتل بالعمد وادعى الولي الخطأ بطل حقه ; لأن تعذر استيفاء القصاص جاء من قبل من له الحق الزيادات ، ولو أقر بالعمد وادعى الولي الخطأ قال يقتص من المقر ; لأنهما تصادقا على وجوب القود ولم تتمكن الشبهة فيه حين أنكر الآخر الجناية ; لأنه يمكن الشبهة إنما يكون باختلاط الموجب وغير الموجب في المحل ، وذلك لا يتصور قبل وجوب الجناية من الآخر وإذا ادعى الولي العمد على رجلين ، فقال أحدهما : أنا قطعت يده عمدا ، وهذا الآخر قطع رجله عمدا وأنكر الآخر الجناية فلا شيء على المقر ; لأنه لما أنكر الآخر الجناية صار كالعدم ، فبطل دعواه الخطأ وإقرار القاتل بالعمد في هذا لا يجب شيء . ادعى الولي الخطأ
وإن يجب القصاص عليه ; لأنهما تصادقا على وجوب القصاص والشركة لم تثبت لعدم دعواه ، فإن مات رجل من قطع يده ورجله فقال رجل : قطعت يده عمدا وقال قطع عمرو رجله عمدا فقال الولي : بل أنت قطعتهما فلا شيء على قاطع اليد ; لأن قاطع الرجل مجهول يجوز أن يكون خاطئا أو صبيا أو مجنونا فتعذر إيجاب القصاص وتعذر استيفاء القصاص جاء من قبل من له الحق ، فإن جهل قاطع الرجل جهل قاطع اليد فلا يجب المال ، ولو قال الولي بعد ذلك فلان قطع رجله عمدا وأنكر فلان ليس له أن يقتل المقر قياسا ، وله أن يقتله استحسانا ; لأن الولد لا يعرف قاتل أبيه عند كثرتهم فيعذر في التناقض وعبر قال الولي : لا أدري من قطع رجله المؤلف بمن التي لفظها مفرد ومعناه جمع ; لأنه لا فرق في الحكم بين ما إذا كان الفاعل مفردا أو متعددا .