قال رحمه الله ( هدر ) ولا يخفى أن هذا الإطلاق غير ظاهر ، ولو قال وجناية الرهن عليهما وعلى مالهما المؤلف وجنايته على الرهن الموجبة للمال وعلى ماله هدر وعلى المرتهن فيما دون النفس أو في ماله هدر كان أولى ; لأن الجناية على الراهن الموجبة للقصاص معتبرة في النفس والأطراف فيما توجبه وعلى المرتهن في النفس الموجبة للقصاص معتبرة .
ومحل كونها هدرا في حق المرتهن حيث لا فضل في قيمته عند قال الشارح أطلق الجواب والمراد جناية لا توجب القصاص ، وإن كانت توجبه معتبرة حتى يجب عليه القصاص ، أما المرتهن فظاهر ; لأنه أجنبي عنه [ ص: 311 ] وكذا المولى ; لأنه كالأجنبي عنه في حق الدم إذا لم يدخل في ملكه لا من حيث المالية ، ألا ترى أن إقرار المولى عليه بالجناية الموجبة للقصاص باطل وإقرار العبد بها جائز ، والإقرار بالمال على عكسه فإذا لم يكن في ملكه من ذلك الوجه صار أجنبيا عنه بخلاف ما يوجب المال ; لأن ماليته ملك المولى ويستحق المرتهن فلا فائدة في اعتبارها إذ تحصيل الحاصل محال بخلاف الإمام حيث تعتبر عند جناية المغصوب على المغصوب منه ; لأن عند أداء الضمان يثبت للغاصب مستندا حتى يكون الكفن على الغاصب فكانت كجنايته على غير ملكه فاعتبرت ، وهذا الحكم فيها فيما إذا كانت جناية الرهن موجبة للدين على العبد لا دفع الرقبة بأن كانت على غير الآدمي في النفس خطأ أو فيما دونها فكذلك عند أبي حنيفة ، وقالا إن كانت جنايته على الراهن فكذلك ، وإن كانت على المرتهن فمعتبرة ; لأن في اعتبارها فائدة تملك رقبة العبد ، والمرتهن غير مالك حقيقة فكانت جناية المرتهن عليه جناية على غير المالك غير أنها سقطت لعدم الفائدة في جناية لا توجب دفع العبد لما ذكرنا ، وهذه أفادت ملك رقبة العبد ، وإن كان دينه يسقط بذلك ; لأنه قد يختار ملك رقبة العبد وربما يكون بقاء الدين أنفع له فيختار أيهما شاء . أبي حنيفة
ثم إذا اختار أخذه ووافقه الراهن على ذلك بطل الرهن بسقوط الدين بهلاكه ; لأن دفعه بالجناية يوجب هلاكه على الراهن فيسقط به الدين ولهذا لو جنى على الأجنبي فدفع بها سقط الدين ، وإن لم يدفع بالجناية فهو رهن على حاله أن هذه الجناية لو اعتبرناها للمرتهن كان عليه التطهير من الجناية ; لأنها حصلت في ضمانه فلا تفيد وجوب الضمان مع وجوب التخليص عليه ، وهذا الاختلاف نظير الاختلاف في العبد المغصوب ، فإن جنايته على الغاصب لا تعتبر عنده وعندهما تعتبر وما ذكرا من الفائدة غير ظاهر ; لأن أخذ العبد بالجناية لا يكون إلا باختيار المالك ، وفي رواية عن ولأبي حنيفة إذا كانت قيمة الرهن أكثر من الدين ، فإن كانت جنايته على المرتهن معتبرة بحسابها ; لأن الزائد أمانة فصار كجناية العبد المودع قيد بقوله عليهما ; لأن جنايته على أولادهما معتبرة فلو أبي حنيفة فهي معتبرة في الصحيح حتى يدفع بها أو يفدى ، وإن كانت على المال فيباع كما إذا جنى على الأجنبي إذ هو أجنبي كسائر الأملاك هذا . جنى الرهن على ابن الراهن أو على ابن المرتهن