قال رحمه الله : ( وإن ) لما فرغ من بيان حكم الآلة الحيوانية شرع في بيان حكم الآلة الجمادية فتقديم الأول ظاهر يعني إذا رمى بآلة جارحة وسمى إلى صيد فأصابه وجرحه يؤكل إذا جرح { رمى وسمى وجرح أكل إذا رميت سهمك فاذكر اسم الله تعالى عليه فإن وجدته قد قتل فكل إلا أن تجده قد وقع في ماء فإنك لا تدري الماء قتله أو سهمك لعدي بن حاتم } رواه لقوله صلى الله عليه وسلم البخاري ومسلم رحمهم الله تعالى ، وشرط لما روي عن ، وأحمد إبراهيم عن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { عدي بن حاتم } رواه إذا رميت فسميت فجرحت فكل وإن لم تخرق فلا تأكل من المعراض إلا ما ذكيت ولا تأكل من البندقة إلا ما ذكيت ولا فرق في ذلك بين أن يصيب المرمي بنفسه أو غيره من الصيد كما في إرسال الكلب على ما بينا وفي إطلاق قوله في المختصر فإن رمى وسمى وجرح أكل إشارة إليه حيث لم يعين المرمي ولا المصاب حتى يدخل تحته ما إذا سمع حسا وظنه صيدا فرماه فأصاب صيدا غير ما سمع حسه ثم تبين أنه حس صيد يحل أكله سواء كان الصيد المسموع حسه مأكولا أو غيره بعد أن كان المصاب مأكولا لأنه وقع اصطيادا مع قصده ذلك . أحمد
وعن رحمه الله تعالى أنه خص من ذلك الخنزير لغلظ حرمته ألا ترى أنه لا تثبت الإباحة في شيء منه بخلاف السباع ; لأنه يورث في جلده أبي يوسف رحمه الله تعالى خص منها ما لا يؤكل لحمه ; لأن الاصطياد لا يفيد الإباحة فيه ووجه الظاهر أن اسم الاصطياد لا يختص بالمأكول فيكون داخلا تحت قوله تعالى { وزفر وإذا حللتم فاصطادوا } فكان اصطياده مباحا ، وإباحة التناول ترجع إلى المحل فتثبت بقدر ما يقبلها لحما أو جلدا وقد لا تثبت بالكلية إذا لم يقبلها المحل وإذا وقع اصطيادا صار كأنه رمى إلى صيد فأصاب غيره وإن تبين أنه حس جراد أو سمك ذكر في النهاية معزيا إلى المغني أن المصاب لا يؤكل لأن الذكاة لا تقع عليهما فلا يكون الفعل ذكاة ، وأورد على صاحب الهداية أنه حس صيد يحتاج في حل أكله إلى الذبح أو الجرح وقال صاحب الهداية في آخر هذه المسألة : ولو يحل في رواية عن رمى إلى سمك أو جراد وأصاب صيدا ; لأنه صيد وفي رواية أخرى عنه أنه لا يحل ; لأنه لا ذكاة فيهما فكان يمكنه أن يخرج ما ذكره صاحب الهداية على رواية الحل فلا يرد عليه ما أورده ولا يحتاج إلى زيادة ذلك القيد الذي ذكره وفي فتاوى أبي يوسف قاضي خان لو حل أكله وعن رمى إلى جراد أو سمك وترك التسمية فأصاب طائرا أو صيدا آخر فقتله روايتان . أبي يوسف
والصحيح أنه يؤكل وهذا أوضح من الكل فلا يرد عليه [ ص: 258 ] أصلا وإن تبين أن المسموع حسه آدمي أو حيوان أهلي أو ظبي مستأنس أو موثق لا يحل المصاب ; لأن الفعل لم يقع اصطيادا ولا يقوم مقام الذكاة ولو لا حل المصاب ; لأن الظاهر فيه التوحش بخلاف ما لو رمى إلى الطائر فأصاب غيره من الصيود أو فر الطائر ولا يدري أهو وحشي أم حيث لا يحل المصاب ; لأن الأصل فيه الاستئناس فيحكم على كل واحد منهما بظاهر حاله ولو رمى إلى بعير فأصاب صيدا ولا يدري أهو ناد أم لا حل ; لأنه لا عبرة بظنه مع تعينه صيدا ذكره في الهداية وقال في المنتقى : إذا سمع حسا بالليل فظن أنه إنسان أو دابة أو حية فرماه فإذا ذاك الذي سمع حسه صيد فأصاب سهمه ذلك الصيد الذي سمع حسه أو أصاب صيدا آخر فقتله لا يؤكل ; لأنه رماه وهو لا يدري الصيد ثم قال : ولا يحل الصيد إلا بوجهين أن يرميه وهو يريد الصيد ، وأن يكون الذي أراده وسمع حسه ورمى إليه صيدا سواء كان مما يؤكل أو لا وهذا يناقض بما ذكره في الهداية وهذا أوجه ; لأن الرمي إلى الآدمي ونحوه ليس باصطياد فلا يمكن اعتباره ولو أصاب صيدا . أصاب المسموع حسه وقد ظنه آدميا فتبين أنه صيد
وما ذكره صاحب الهداية يناقض ما ذكره هو بنفسه أيضا من قوله وإن تبين أنه حس آدمي لا يحل المصاب وعلى اقتضاء ما ذكره هناك أنه يحل ; لأن المصاب صيد كما في هذه المسألة بل أولى ; لأن مقصوده فيها صيد وفرق بينهما في النهاية بفرق غير مخلص فلا حاجة إلى ذكره وقال فيه لو لا رواية لهذا في الأصل رمى إلى آدمي أو بقر ونحوه وسمى فأصاب صيدا مأكولا رحمه الله تعالى فيه قولان في قول يحل وفي قول لا يحل فيحمل ما ذكره صاحب الهداية على رواية ولأبي يوسف فيه فيستقيم ولا حاجة إلى الفرق ولو لم يتبين صاحب الحس ما هو لا يحل تناول ما أصابه لاحتمال أن يكون المسموع حسه غير صيد فلا يحل المصاب بالشك ، والبازي والفهد في جميع ما ذكرنا كالكلب . أبي يوسف