الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله : ( ويضحي بالجماء ) التي لا قرن لها يعني خلقة لأن القرن لا يتعلق به مقصود وكذا مكسورة القرن بل أولى قال رحمه الله : ( والخصي ) وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى هو أولى لأن لحمه أطيب وقد صح أنه عليه الصلاة والسلام { ضحى بكبشين أملحين موجوءين } الأملح الذي فيه ملحة [ ص: 201 ] وهو البياض الذي فيه شعيرات سود وهو من لون الملح ، والموجوء المخصي من الوجء وهو أن يضرب عروق الخصية بشيء ، وفي المحيط : تجوز الجرباء ، وفي الحاوي : تجوز الجرباء إذا كانت سمينة ا هـ .

                                                                                        قال رحمه الله : ( والتولاء ) وهي المجنونة لأنه لا يخل بالمقصود إذا كانت تعتلف فإن كانت سمينة ولم يتلف جلدها جاز لأنه لا يخل بالمقصود قال : ولا يجوز بالهتماء التي لا أسنان لها ، وإن كانت لا تعتلف ، وإن كانت تعتلف جاز وهو الصحيح ولا الجلالة التي تأكل العذرة ولا تأكل غيرها ولا مقطوعة الضرع ولا التي لا تستطيع أن ترضع ولدها التي يبس ضرعها ولا مقطوعة الأنف والذنب والطرف .

                                                                                        كذا في المحيط قال رحمه الله : ( لا بالعمياء والعوراء والعجفاء والعرجاء ) أي التي لا تمشي إلى المنسك أي إلى المذبح لما روي عن البراء بن عازب أنه عليه الصلاة والسلام قال { أربع لا تجوز في الأضاحي ; العوراء البين عورها والمريضة البين مرضها والعجفاء البين ضلعها والكسيرة التي لا تنقي } رواه أبو داود والنسائي وجماعة أخر وصححه الترمذي ، وفي الحاوي قال مشايخنا : العرجاء التي تمشي بثلاثة قوائم وتجافي الرابع عن الأرض لا تجوز الأضحية بها ، وإن كانت تضع الرابع على الأرض وتستعين به إلا أنها تتمايل مع ذلك وتضعه وضعا خفيفا يجوز ، وإن كانت ترفعه رفعا ، أو تحمل المنكسر لا تجوز ، وفي الخانية : وكذا الحولاء التي في عينها حول لا تجوز المنفسخة العين وهي التي غارت عينها ا هـ .

                                                                                        قال رحمه الله : ( ومقطوعة أكثر الآذان ، أو الذنب ، أو العين ، أو الألية ) لقول علي رضي الله تعالى عنه { أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين والأذن وأن لا نضحي بمقابلة ولا مدابرة ولا شرقاء ولا خرقاء } رواه أبو داود والنسائي وغيرهما وصححه الترمذي المقابلة قطع من مقدم ذنبها والمدابرة قطع من مؤخر أذنها ، والشرقاء أن يكون الخرق في أذنها طويلا والخرقاء أن يكون عرضا ، وإن بقي أكثر الأذن جاز وكذا أكثر الذنب لأن للأكثر حكم الكل بقاء وذهابا وهذا لأن العيب اليسير لا يمكن التحرز عنه فجعل عفوا .

                                                                                        وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أن الثلث إذا ذهب وبقي الثلثان يجوز ، وإن ذهب أكثر من الثلث لا يجوز لأن الثلث تنفذ فيه الوصية من غير إجازة الورثة فاعتبر قليلا وفيما زاد لا ينفذ إلا برضاهم فاعتبر كثيرا ويروى عنه الربع ; لأنه يحكي حكاية الكل وقال أبو يوسف ومحمد إذا بقي أكثر من النصف أجزأه اعتبارا للحقيقة وهو اختيار أبي الليث قال أبو يوسف : أخبرت بقولي أبا حنيفة فقال : قولي هو قولك قيل : هو رجوع إلى قول أبي يوسف وقيل معناه : قولي قريب من قولك ، وفي كون النصف مانعا روايتان عنهما وتأويل ما روينا إذا كان بعض الآذان مقطوعا على اختلاف الروايتان لأن مجرد الرد الشق من غير ذهاب شيء من الأذن لا يمنع ، ثم في معرفة مقدار الذاهب والباقي يتيسر في غير العين وفي العين قال : تسد عينها المعيبة بعد إن جاءت ، ثم يقرب إليها العلف قليلا قليلا فإذا رأته في موضع علم ذلك الموضع ، ثم تسد عينها الصحيحة ويقرب العلف إليها شيئا فشيئا حتى إذا رأته من مكان علم عليه ، ثم ينظر ما بينهما من التفاوت فإن كان نصفا ، أو ثلثا ، أو غير ذلك فالذاهب هو ذلك القدر ، وفي الشرح .

                                                                                        ولو أوجب الفقير على نفسه أضحية بغير عينها فاشترى أضحية صحيحة ثم تعيبت عنده فضحى بها لا يسقط عنه الواجب ; لأنه وجب عليه أضحية كاملة بالنية من غير تعيين كالموسر ولو كانت معينة وقت الشراء جاز ذبحها لما ذكرنا ولو أضجعها ليذبحها في يوم النحر فاضطربت فانكسرت رجلها فذبحها أجزأته استحسانا ولو بقيت في هذه الحالة فانقلبت ، ثم أخذها من فورها وكذا بعد فورها عند محمد خلافا لأبي يوسف ، وفي الخانية عشرة من الرجال اشتروا من رجل عشرة شياه جملة واحدة فصارت العشرة شركة بينهم فأخذ كل واحد منهم شاة وضحى بها عن نفسه جاز فإذا ظهر منها شاة عوراء وأنكر كل واحد من الشركاء أن تكون العوراء له لا تجوز أضحيتهم ا هـ .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية