الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله ( وأخذ حظ البعض بتعدد المشتري لا بتعدد البائع ) يعني أن المشتري إذا تعدد بأن اشترى جماعة عقارا والبائع واحد يتعدد الأخذ بالشفعة بتعددهم حتى كان للشفيع أن يأخذ نصيب بعضهم ويترك الباقي ، وإن تعدد البائع بأن باع جماعة عقارا مشتركا بينهم والمشتري واحد لا يتعدد الأخذ بالشفعة بتعددهم حتى لا يكون للشفيع أن يأخذ نصيب بعضهم دون بعض والفرق أن الشفيع في الوجه الثاني لو أخذ نصيب بعضهم تتفرق الصفقة على المشتري فيتضرر بعيب الشركة وهي شرعت على خلاف القياس لدفع الضرر عن الشفيع فلا تشرع على وجه يتضرر المشتري ضررا زائدا على الأخذ بالشفعة وفي الأول لا تتفرق الصفقة على أحد ولا فرق في هذا بين أن يكون قبل القبض أو بعده في الصحيح إلا أن الشفيع إذا اختار أخذ الجميع لا يمكنه أن يأخذ نصيب أحدهم إذا نقد حصته من الثمن حتى ينقد الجميع لئلا يؤدي إلى تفريق اليد على البائع بمنزلة المشترين أنفسهم ; لأنه كواحد منهم وكما إذا كان المشتري واحدا فنقد البعض من الثمن وسواء سمى لكل ثمنا أو سمى الكل جملة ; لأن العبرة في هذا لاتحاد الصفقة لا لاتحاد الثمن واختلافه والعبرة في التعدد والاتحاد للعاقد دون المالك حتى لو وكل واحد جماعة بالشراء فاشتروا له عقارا واحدا بصفقة واحدة يتعدد وأخذه يتعدد وكان للشفيع أن يأخذ نصيب أحدهم .

                                                                                        ولو وكل جماعة واحدا ليس للشفيع أن يأخذ نصيب بعضهم ; لأن حقوق العقد تتعلق بالعاقد وهو أصل فيه فيتحدد باتحاده ويتعدد بتعدده قيدنا بقولنا لا فرق بين أن يكون الأخذ قبل القبض أو بعده في الصحيح وروى الحسن عن الإمام أنه فصل فقال إن أخذ قبل القبض نصيب أحدهم ليس له ذلك وبعده كان له ذلك ; لأنه قبل القبض يتضرر البائع بأخذ البعض منه بتفريق اليد عليه وبعده لا يتضرر ; لأنه لم يبق له يد وجوابه له أن يحبس الجميع إلى أن يستوفي جميع الثمن فلا يؤدي إلى تفريق اليد عليه وإذا اشترى الرجل دارين صفقة واحدة وشفيعها واحد فأراد أن يأخذ أحدهما دون الآخر فليس له ذلك وفي فتاوى العتابية ولو كانا متلاصقين وشفيع أحدهما خاصة ولو كانا أرضين أو قرية أو أرضها أو قريتين وأرضهما وهو شفيع ذلك كله ، فإنما له أن يأخذ جميع ذلك كله ، فإنما له أن يأخذ جميع ذلك أو يدعه سواء كانا متلاصقين أو في مصرين أو قريتين بعد أن يكون ذلك صفقة .

                                                                                        وذكر شيخ الإسلام في شرحه أن له أن يأخذ الدار الذي هو شفيعها في ظاهر الرواية ولو اشترى الدار بمتاع فيها صفقة واحدة فالشفيع يأخذ الدار مع المتاع أو يدع الكل وذكر شمس الأئمة السرخسي في شرحه كان أبو حنيفة يقول أولا هذا ثم رجع وقال يأخذ واحدا منهما ثم رجع وقال يأخذ الذي هو شفيعها خاصة وفي الفتاوى العتابية ولو اشترى دارين ورفع الحائط من الدار الأخرى وجعلها دارا واحدة أخذ الشفيع كلها ، وإن كان ذلك الباب بحاله ; لأنه دار لها بابان ولو فتح باب البيت التي اشتراها إلى داره وسد الباب الأول وصار معروفا بهذا البيت معها أخذها بالشفعة .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية