الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله ( وحط البعض يظهر في حق الشفيع لا حط الكل والزيادة ) حتى يأخذه بما بقي فلا يظهر حط الكل في حقه [ ص: 153 ] ولا الزيادة على الثمن بعد عقد البيع حتى لا تلزمه الزيادة ولا يسقط عنه شيء من الثمن فيأخذه بجميع المسمى عند العقد ; لأن الحط لما التحق بأصل العقد صار الباقي هو الثمن ولا فرق في ذلك بين أن يكون الحط قبل أخذه بالشفعة أو بعده لوجود الالتحاق في الصورتين فيرجع الشفيع على المشتري بالزيادة إن كان أوفاه الثمن ولو حط بعض الثمن بعد تسليمه الشفعة كان له أن يأخذها بالباقي ; لأنه تبين أن الثمن أقل فلا يصح تسليمه بخلاف حط الكل حيث لا يلتحق بأصل العقد ; لأنه لو التحق به كان هبة أو بيعا بلا ثمن وهو فاسد فلا شفعة فيهما .

                                                                                        وكذلك الزيادة تلتحق بأصل العقد ، وإنما لا تظهر في حق الشفيع ; لأنه استحق أخذها بالمسمى قبل الزيادة فلا يملك إبطاله بالزيادة فلا يتغير العقد كما لا يتغير بتجديد العقد لما يلحقه بذلك من الضرر قال في العناية حط بعض الثمن والزيادة يستوفيان في باب المرابحة دون الشفعة ; لأن المرابحة ليس في التزام الزيادة إبطال حق مستحق بخلاف الشفعة ، فإن في الزيادة إبطال حق ثبت للشفيع بأقلهما فظاهر عبارة المؤلف أن الحط يصح لمن باشر العقد ولو وكيلا في حالة الصحة أو المرض كان الشفيع وارثا أو لا وفي المحيط خلافه قال ولو وكل رجلا ببيع داره فباعها بألف ثم حط عن المشتري مائة درهم وضمن ذلك للآمر ليس للشفيع أن يأخذها إلا بالألف ; لأن حط الوكيل لا يلتحق بأصل العقد وفيه أيضا لو طلب الشفيع الشفعة فسلمها المشتري إليه ثم نقد المشتري للبائع الثمن فوهب له البائع خمسة دراهم من الثمن وقد قبض المشتري من الشفيع جميع الثمن فعلم الشفيع بالهبة فليس له أن يسترد شيئا ; لأن الهبة ليست بحط ; لأن الثمن صار عينا بالتسليم ولو وهب البائع خمس دراهم قبل قبض الثمن كان للشفيع أن يستردها منه ; لأنها هبة الدين والثمن دين في ذمته .

                                                                                        ولو باع دارا بثلاثة آلاف وتقابضا فأخذها ورثة البائع بالشفعة فحط البائع عن المشتري في مرضه ألفا فالحط باطل ; لأن المشتري نزل منزل الشفيع ; لأن الحط يظهر في حقه فكأنه وارثه ولو حط قبل الأخذ توقف على أخذ المشتري ، فإن أخذ بطل ، وإن ترك صح ولو لم يكن الوارث شفيعا ولكن أخذها من المشتري تولية أو مرابحة ثم حط عن المشتري في مرض موته صح الحط ويحط المشتري عن الوارث ما حط عنه وحصته من الربح في المرابحة ; لأن الحط وقع في بيع الأجنبي لا حق للوارث فيه باع دارا بمائة درهم للمقر حنطة فأخذها الشفيع بهما ثم حط البائع النقد فوجد البائع بالكر عيبا رده وأخذ مثله وللمشتري أن يعطيه الكر الذي قبضه الشفيع ، وإن كان المشتري ولاها رجلا بمائة درهم وبمثل ذلك الكر فحط البائع وحط هو عن الثاني ثم وجد البائع الأول بالكر عيبا فرده رجع بقيمة الدار على المشتري الأول والفرق أن البيع ، وإن انفسخ يرد الكر في الموضعين إلا أنه تعذر في الأول إيجاب قيمة الدار بأخذ الشفيع فأوجبنا الكر وفي التولية لم يتعذر فأوجبنا قيمة الدار

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية