الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله ( لا التزوج بلا إذن ) يعني لا يملك التزوج بلا إذن ; لأنه يعيب نفسه لما فيه من شغل ذمته بالمهر والنفقة ولم يطلق له إلا عقود توصله إلى تحصيل مقصوده وهو عقد فيه اكتساب مال على ما بينا ويملك التزوج بإذن المولى ; لأن الحجر لأجله ; لأن ملكه باق فيه فجاز باتفاقهما لثبوت ملكه في رقبته وفي الخانية المكاتب لا يملك وطء أمته فإن وطئها ، ثم استحقت يؤاخذ المكاتب بعقرها في الحال قال رحمه الله ( والهبة والتصدق إلا باليسير ) ; لأنه نوع تبرع وهو ليس من أهله إلا أن اليسير منه من ضرورات التجارة ; لأنه لا يجد بدا من ضيافة وإعارة ليجتمع عليه المهاجرون فيملكه ; لأن من ملك شيئا ملك ما هو من ضروراته وتوابعه ولا يهب بعرض ; لأنه تبرع ابتداء ، وكذا لا تجوز وصيته ولم يبين المؤلف رحمه الله تعالى مقدار اليسير ، وقال في الذخيرة إنه يتصدق ويهب بقدر الفلس ورغيف وفضة أقل من درهم ويأخذ الضيافة اليسيرة ويهدي الطعام المهيأ للأكل بقدر دانق ، ولو وهب أو أهدى درهما فصاعدا لا يجوز قال رحمه الله ( والتكفل والإقراض ) ; لأنهما تبرع وليسا من ضرورة التجارة ولا من باب الاكتساب فلا يملكه ولا فرق في الكفالة بين المال والنفس بإذن أو بغيره ; لأن الكل تبرع ولا يجوز كفالة المكاتب بمال أذن المولى فيها أو لا ، .

                                                                                        وكذا الحوالة ، وكذا الكفالة بالنفس ; لأنها متى صحت تتعدى ضرورة إلى المال بأن يعجز عن إحضاره فكان بمنزلة الكفالة بالمال وهو تبرع والمكاتب لا يملك التبرع ويؤخذ منه بعد العتق كالعبد القن إذا كفل فإن كان صغيرا لم يؤخذ منه بعد العتق ; لأن الكفالة وقعت باطلة فإن كفل بمال بإذن المولى لم يلتزم المولى الكفالة ، ولو أدى المكاتب فعتق لزمته الكفالة كما تقدم وإن كفل عبده لآخر رجع السيد على المكفول عنه إن كفل بأمره وبغير أمره بطل المال عنها ; لأن المولى ملك ما في ذمة المكفول عنه لعجز المكاتب والكفيل أدى ما كفل به رجع على الأصل إن كفل بأمره وبغير أمره لا يرجع ، ولو أدى المولى رجع أيضا قال رحمه الله تعالى ( وإعتاق عبده ) ، ( ولو بمال وبيع نفسه منه ) ; لأنه ليس بأهل للإعتاق ; لأنه لا يتصور إلا ممن يملك الرقبة فلا ينفذ عتقه ، ولو على مال ; لأنه فيه إسقاط الملك عن العبد بمقابلة دين في ذمة المفلس فلا يكون من باب الاكتساب فلا يملكه وبيع العبد من نفسه إعتاق كما بينا فلا يملكه قال رحمه الله ( وتزويج عبده ) يعني لا يملك تزويج عبده ، وكذا لا يملك أن يوكل به ; لأنه تعيب له ونقص في المال لكونه شاغلا للرقبة بالمهر والنفقة وليس هو من باب الاكتساب في شيء بخلاف تزويج الأمة على ما بينا .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية