الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله ( فإن أجر دارا كل شهر بدرهم صح في شهر واحد إلا أن يسمي الكل ) ; لأن كلمة كل إذا دخلت على مجهول وأفراده غير معلومة انصرف إلى الواحد لكونه معلوما وفسد في الباقي للجهالة كما إذا باع صبرة من طعام كل قفيز بدرهم فإنه يجوز في قفيز واحد ، وهذا قول الإمام ومهما وافقاه في الشهور وأجاز ا هـ .

                                                                                        العقد في الكل في الصبرة والفرق لهما أن الشهور لا نهاية لها والصبرة متناهية فترتفع الجهالة بالكيل ، وإذا تم الشهر الأول لكل واحد منهما نقض الإجارة بشرط حضور الآخر وإن كان غائبا لا يجوز بالإجماع ، وقيل يجوز عند أبي يوسف قال تاج الشريعة لو كان فاسدا فيما بقي من الشهور لجاز الفسخ في الحال قال قلت الإجارة من العقود المضافة وانعقاد الإجارة في أول الشهر فقيل الانعقاد كيف تفسخ ا هـ .

                                                                                        ولقائل أن يقول أنتم قررتم في الإجارة الصحيحة أنها تنعقد ساعة فساعة وجاز الفسخ فيها بقدر ما بقي من المستقبل ينبغي أن يكون هنا كذلك واختلف المشايخ في كيفية الفسخ لكل واحد منهما في رأس الشهر ; لأن رأس الشهر في الحقيقة عبارة عن الساعة التي يهل فيها الهلال ولا يمكن الفسخ بعد ذلك لمضي وقت الخيار ، والصحيح في هذا أحد الطرق الثلاث أن يقول الذي يريد الفسخ قبل مضي الوقت فسخت الإجارة فيتوقف هذا الفسخ إلى انقضاء الشهر فإذا انقضى الشهر وأهل الهلال عمل الفسخ حينئذ عمله ونفذ ; لأنه لا يجد نفادا في وقته ; لأن الفسخ إذا لم يجد نفاذا يتوقف إلى وقته وبه كان يقول أبو النصر محمد بن سلام أو يقول الذي يريد الفسخ في هلال الشهر فسخت العقد رأس الشهر فينفسخ العقد إذا هل الشهر أو يفسخ الذي يريد الفسخ في الليلة التي يهل الهلال في يومها ، كذا في النهاية مختصرا وظاهر الرواية أن لكل واحد منهما الخيار في الليلة الأولى ويومها وبه يفتى ; لأن في اعتبار الساعات حرجا بينا والمقصود هو الفسخ في رأس الشهر وهو عبارة عن الليلة الأولى ويومها ; لأن محمدا قال لو حلف ليقضي فلانا دينه في رأس الشهر فقضاه في الليلة التي يهل فيها الهلال ويومها لم يحنث استحسانا ، وظاهر قوله صح في شهر واحد الفساد في الباقي كما تقدم قال في المحيط : وهذا قول بعضهم والصحيح أن الإجارة كل شهر جائزة وإطلاق محمد يدل على هذا فيجوز العقد في الشهر الأول والثاني والثالث وإنما يثبت خيار الفسخ لكل واحد منهما في أول الشهر الثاني ; لأن الإجارة في الشهر الثاني مضافة إلى وقت في المستقبل ولكل واحد فسخ الإجارة المضافة إلى وقت في المستقبل وقوله دارا مثال ; لأنه لو استأجر ثورا ليطحن عليه كل يوم بدرهم فالحكم كذلك .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية