الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله ( ومن لعمله أثر في العين كالصباغ والقصار يحبسها للأجر ) يعني لمن ذكر أن يحبس العين إذا عمل حتى يستوفي الأجر ; لأن المعقود عليه وصف في المحل فكان له حق الحبس لاستيفاء البدل كما في البيع ، قال في النهاية : القصار إذا ظهر عمله باستعمال النشا كان له حق الحبس وإن لم يكن لعمله إلا إزالة الدرن اختلفوا فيه والأصح أن له الحبس على كل حال ; لأن البياض كان مستترا ، وقد ظهر بفعله [ ص: 9 ] بعد أن كان هالكا ، وقال زفر : ليس له الحبس ; لأنه صار متصلا بملك الآخر كما لو أمر شخصا بأن يزرع له أرضه ببذر من عنده قرضا فزرعها المأمور صار قابضا باتصاله بملكه فصار كما إذا صبغ في بيت المستأجر قلنا اتصال العمل بالمحل ضرورة إقامة العمل ، فلم يكن راضيا بهذا الاتصال من حيث إنه تسليم ، بل رضاه في تحقيق عمل الصبغ ونحوه من الأثر في المحل إذ لا وجود للعمل إلا به فكان مضطرا إليه وليس هذا كصبغه في بيت المستأجر ; لأن العين في يد المستأجر فيكون راضيا بالتسليم ; لأنه كان يمكنه التحرز عنه بأن يعمل في غير بيته وفي الخلاصة إلا إذا كانت الأجرة مؤجلة وقبل العمل ، فليس له الحبس . ا هـ .

                                                                                        والمراد بالأثر أن يكون الأثر متصلا بمحل العمل كالنشاء والصبغ وقبل أن يرى ويعاين في محل العمل وثمرة الخلاف تظهر في كسر الحطب وحلق رأس العبد ، فليس له الحبس على الأول وله الحبس على الثاني .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية