الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : ولو اختلفا في الإجارة قبل الاستيفاء تحالفا ) ; لأن التحالف في البيع قبل القبض على وفق القياس والإجارة قبل الاستيفاء نظيره أطلقه فشمل الاختلاف في البدل أو المبدل كما في الهداية ، ومع القصار كما في منية المفتي ، ولا يشمل ما إذا ادعى المالك الأجر ونفاه الساكن والقول للمستأجر وكذا إذا نزل الخان واختلفا والفتوى على وجوب الأجر إلا إذا عرف بخلافه وتمامه في البزازية ، وفي التهذيب الاختلاف في قدر المدة يوجب التحالف . ا هـ .

                                                                                        فإن وقع الاختلاف في الأجرة بدأ بيمين المستأجر لكونه منكرا وجوبها ، وإن وقع في المنفعة بدأ بيمين المؤجر ، وأيهما نكل لزمه دعوى صاحبه ، وأيهما برهن قبل فإن برهنا فبينة المؤجر أولى في الأجرة وبينة المستأجر أولى في المنافع ، وإن كان الاختلاف فيهما قبلت بينة كل منهما فيما يدعيه من الفضل نحو أن يدعي هذا شهرا بعشرة والمستأجر شهرين بخمسة فيقضى بشهرين بعشرة ( قوله : وبعده لا والقول قول المستأجر ) أي لو اختلفا بعد الاستيفاء فلا تحالف ، وهذا عندهما ظاهر ; لأن هلاك المعقود عليه يمنع التحالف عندهما وكذا على أصل محمد ; لأن الهلاك إنما لا يمنع عنده في المبيع لما أن له قيمة تقوم مقامه فيتحالفان عليها ، ولو جرى التحالف ها هنا ، وفسخ العقد فلا قيمة ; لأن المنافع لا تتقوم بنفسها بل بالعقد وتبين أنه لا عقد ، وإذا امتنع فالقول للمستأجر مع يمينه ; لأنه هو المستحق عليه ، ونظير هذه المسألة في التفصيل إجارة الفضولي إن أجازها المالك قبل الاستيفاء فالأجرة له ، وإن بعده فللعاقد ، وإن في بعض المدة فالماضي للعاقد والمستقبل للمالك كما في منية المفتي ( قوله والبعض معتبر بالكل ) يعني لو اختلفا بعد استيفاء البعض تحالفا ، وفسخ العقد فيما بقي وكان القول في الماضي قول المستأجر ; لأن العقد ينعقد ساعة فساعة فيصير في كل جزء من المنفعة كأنه ابتداء العقد عليها بخلاف البيع ; لأن العقد فيه دفعة واحدة فإذا تعذر في البعض تعذر في الكل ، وفي إجارات البزازية المستأجر إن كان هو المدعي فهو يدعي العقد قبل مضي المدة وبعدها ، وإن الآجر فهو مدع قبل قبضها وبعد المضي فهو مدعي العين . ا هـ .

                                                                                        ثم اعلم أن المراد بالاستيفاء التمكن منه في المدة وبعدمه عدمه لما عرف أنه قائم مقامه في وجوب الأجر ، ومن فروع التنازع في الإجارة ما في منية المفتي ادعى اثنان عينا أحدهما إجارة والآخر شراء فأقر المدعى عليه للمستأجر فلمدعي الشراء أن يحلفه على دعوى الشراء ، ولو ادعيا إجارة فأقر لأحدهما ليس للآخر أن يحلفه ، آجر دابة بعينها من رجل ثم من آخر فأقام الأول بينة فإن كان الآجر حاضرا تقبل عليه البينة وإن كان مقرا بما يدعي عليه هذا المدعي ، وإن كان غائبا لا تقبل . ا هـ . .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله : ومع القصار ) قال الرملي أي وشمل الاختلاف مع القصار تأمل .




                                                                                        الخدمات العلمية