الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله ولا يتصرف أحد الوكيلين وحده ) لأن الموكل رضي برأيهما لا برأي أحدهما والبدل وإن كان مقدرا ولكن التقدير لا يمنع استعمال الرأي في الزيادة واختيار المشتري أطلقه فشمل ما إذا كان أحدهما حرا بالغا عاقلا والآخر عبدا أو صبيا محجورا عليه لكنه مقيد بما إذا كان وكلهما بكلام واحد أما إذا كان توكيلهما على التعاقب فإنه يجوز لأحدهما الانفراد لأنه رضي برأي كل واحد منهما على الانفراد وقت توكيله فلا يتغير بعد ذلك بخلاف الوصيين فإنه إذا أوصى إلى كل منهما بكلام على حدة لم يجز لأحدهما الانفراد في الأصح لأنه عند الموت صارا وصيين جملة واحدة وفي الوكالة يثبت حكمها بنفس التوكيل [ ص: 174 ] وشمل ما إذا مات أحدهما أو ذهب عقله فلا يجوز للآخر التصرف وحده لعدم رضاه برأيه وحده ولو كانا وصيين فمات أحدهما لا يتصرف الحي إلا بأمر القاضي كما في وصايا الخانية .

                                                                                        وفي الخانية رجل قال لرجلين وكلت أحدكما بشراء جارية لي بألف درهم فاشترى أحدهما ثم اشترى الآخر فإن الآخر يكون مشتريا لنفسه ولو اشترى كل واحد منهما جارية ووقع اشتراؤهما في وقت واحد كانت الجاريتان للموكل كذا ذكره في النوازل وعليه الفتوى ا هـ .

                                                                                        وفي الذخيرة وفي المنتقى عن محمد رجل وكل رجلا بقبض كل حق له ثم فارقه ثم وكل آخر بقبض كل دين له فقبض الوكيل الأول شيئا من الدين فليس للوكيل الثاني أن يقبضه من الأول لأنه الساعة عين وليس بدين ولو وكل الأول بقبض كل حق له ثم وكل الثاني بقبض كل شيء له وقبض الأول شيئا من الدين فللثاني أن يقبضه من الأول ولو وكل رجلا بقبض داره التي في موضع كذا التي في يد فلان فمضى الوكيل ثم وكل آخر بعده بمثل ما وكل به الأول في قبض هذه بعينها فإن كان الأول قد قبض الدار قبل توكيل الثاني فللثاني أن يقبضها لأنها صارت مقبوضة لصاحبها ا هـ .

                                                                                        والمراد من قوله لا يتصرف عدم نفاذ تصرفه وحده لا عدم صحته كما في الإصلاح فلو باع أحدهما بحضرة صاحبه فإن أجاز صاحبه جاز وإلا فلا ولو كان غائبا فأجازه لم يجز في قول أبي حنيفة كذا في الشرح قال الحاكم أبو الفضل هذا خلاف ما ذكر في الأصل وقال أبو يوسف : جاز ذلك كذا في الخزانة ولو باع أحدهما من صاحبه شيئا لم يجز لما في وصايا الخانية ولو باع أحد الوصيين شيئا من التركة لصاحبه لم يجز عند أبي حنيفة ومحمد ويجوز عند أبي يوسف ا هـ .

                                                                                        ( قوله إلا في خصومة ) فإن لأحدهما أن يخاصم وحده لأنها وإن كانت تحتاج إلى الرأي إلا أن اجتماعهما على الخصومة والتكلم متعذر لأنه يلتبس على القاضي ويصير شغبا فأما اجتماعهما على البيع فغير متعذر وظاهر ما في الكتاب أنه إذا خاصم أحدهما لم يشترط حضرة الآخر وهو قول العامة لعدم الفائدة بسماعها وهو ساكت كذا في الشرح وبه ظهر أن ما ذكره ابن الملك من اشتراط الحضرة ضعيف ولكن لا يملك القبض إلا مع صاحبه كذا في الهداية وفي الذخيرة وفي نوادر ابن سماعة عن أبي يوسف رجل وكل رجلين بخصومة رجل في دار ادعاها وقبضها منه فخاصماه فيها ثم مات أحد الوكيلين قال : أقبل من الحي البينة على الدار وأقضي بها للموكل ولا أقضي بدفع الدار إليه ولكن أجعل للوكيل الميت وكيلا مع هذا الحي ودفعت الدار إليهما وكذا لو كان الوكيل واحدا فأقام البينة على الدار وقضيت بها للموكل فمات هذا الوكيل قبل أن أدفعها إليه فإني أجعل له وكيلا وآمر المقضي عليه بدفع الدار إليه ولا أتركها في يد الغاصب الذي قضيت عليه ا هـ .

                                                                                        [ ص: 174 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        [ ص: 174 ] ( قوله فإن كان الأول قد قبض الدار قبل توكيل الثاني فللثاني أن يقبضها إلخ ) هكذا فيما رأيناه من عدة نسخ والذي رأيته في الذخيرة في الفصل الثاني والعشرين فإن كان الأول قد قبض الدار قبل توكيل الثاني فللثاني أن يقبضها من الأول وإن وكل الثاني قبل أن يقبض الأول الدار فليس للثاني أن يقبضها لأنها صارت مقبوضة لصاحبها ا هـ . بحروفه .

                                                                                        ومثله في التتارخانية في الرابع عشر لكن ذكر بدل التعليل قوله والشيء بعينه لا يشبه ما ليس بعينه ألا ترى أن رجلا وكل رجلا بقبض عبد له بعينه في يد رجل ثم قبضه المولى ثم أودعه إنسانا آخر فللوكيل أن يقبضه ا هـ .

                                                                                        ومثله في الخلاصة في الفصل الثالث ( قوله ويصير شغبا ) قال الرملي : الشغب بسكون الغين تهييج الشر وبالفتح لغة ضعيفة كما في الصحاح .




                                                                                        الخدمات العلمية