الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله وضمنا ما أتلفاه للمشهود عليه إذا قبض المدعي المال ) لأن التسبب على وجه التعدي سبب الضمان كحافر البئر وقد وجد سبب الإتلاف تعديا وقد تعذر إيجاب الضمان على المباشر وهو القاضي لأنه كالملجأ إلى القضاء وفي إيجابه صرف الناس عن تقلده وتعذر استيفاؤه من المدعي [ ص: 129 ] لأن الحكم ماض فاعتبر التسبب وفي المحيط رجع الشاهدان في المرض وعليهما دين الصحة وماتا بدئ بدين الصحة لأن ما وجب عليهما بالرجوع في المرض دين المريض لأنه وجب بإقرارهما في المرض ا هـ .

                                                                                        وإنما قيد بالقبض لأن الإتلاف به يتحقق ولأنه لا مماثلة بين أخذ العين وإلزام الدين وقد تبع المصنف صاحب الهداية في تقييده تبعا للإمام السرخسي وصاحب المجمع وأصحاب الفتاوى في إطلاقهم فقد صرح في الخلاصة والبزازية وخزانة المفتين بالضمان بعد القضاء قبض المدعي المال أو لا قالوا وعليه الفتوى وفي الخلاصة أنه قول أبي حنيفة الآخر وهو قولهما . ا هـ .

                                                                                        وظاهره أن اشتراط القبض مرجوع عنه وفرق في المحيط بين العين والدين فقال : شهدا بعين ثم رجعا ضمنا قيمتها قبضها المشهود له أم لا لأن ضمان الرجوع ضمان إتلاف مقدر وضمان الإتلاف بالمثل إن كان المشهود به مثليا وبالقيمة إن لم يكن مثليا وإن كان المشهود به دينا فرجع الشهود قبل قبضه لا يضمنون وإن قبضه المشهود له ثم رجعا ضمنا لأنهما أوجبا عليه دينا فيجب في ذمتهما مثل ذلك ولا يستوفى منهما إلا بعد قبض المشهود به تحقيقا للمعادلة ا هـ .

                                                                                        وهذا قول شيخ الإسلام وشمل أيضا قوله ما أتلفاه خمر الذمي وخنزيره لكن في كافي الحاكم وإذا شهد الذميان لذمي بمال أو خمر أو خنزير فقضى القاضي بذلك ثم رجعا ضمنا المال وقيمة الخنزير ولا يضمنان الخمر ولا قيمته في قول أبي يوسف ويضمنان قيمة الخمر في قول محمد ولو لم يسلم الشاهدان وأسلم المشهود عليه ثم رجعا عن الشهادة ضمنا قيمة الخنزير ولم يضمنا قيمة الخمر ا هـ .

                                                                                        ثم اعلم أن تضمين الشاهد لم ينحصر في رجوعه لما في تلقيح المحبوبي المعبر عنه تارة بفروق الكرابيسي شهد شاهدان على رجل أن فلانا أقرضه ألف درهم وقضى القاضي بها ثم أقام المقضي عليه بينة على الدفع قبل القضاء .

                                                                                        [ ص: 130 ] يأمر القاضي برد الألف إليه ولا يضمن الشهود ولو شهدوا أن له عليه ألف درهم وقضى القاضي بذلك وأخذ الألف ثم أقام المقضي عليه البينة على البراء قبل القضاء يضمن الشهود ووجه الفرق أن في الوجه الأول لم يظهر كذبهم لجواز أنه أقرضه ثم أبرأه وفي الوجه الثاني ظهر كذبهم لأنهم شهدوا عليه بالألف في الحال وقد تبين كذبهم فصاروا متلفين عليه ألا ترى أنه لو قال : امرأته طالق إن كان لفلان عليه شيء فشهد الشهود أنه أقرضه ألفا يحكم بالمال ولا يحكم بالوقوع ولو شهدا أن عليه ألفا حكم بالمال والوقوع جميعا تبين بهذا أن الشهادة على الإقراض ليست شهادة على قيام الحق للحال والشهادة بالدين مطلقا شهادة على الحق في الحال ا هـ .

                                                                                        فقد علم تضمينهما بظهور كذبهما من غير رجوع فتضمينهما إذا تيقن كذبهما بالأولى ولذا قال في تلخيص الجامع في باب بطلان الشهادة : أخذ الدية ثم جاء المشهود بقتله حيا ضمن الولي للقبض ظلما ولا يرجع لسلامة بدله أو الشاهد للإلجاء كمكره ويرجع بما أخذ الولي لملكه ذلك وكذا لو اقتض لكن لا يرجع عنده إذ ليس للدم مالية تملك بخلاف المدبر ولهذا في عتقه يضمن الشاهد والمكره وفي العفو لا ولو شهد على الإقرار أو الشهادة ضمن الولي لما مر دون الشاهد لأنه لم يظهر كذبه إذ لا تنافي بخلاف الأول ولهذا لو ثبت الإبراء ضمن شاهد الدين دون الإقراض ولو قال : إن كان له علي حنث في الأول دون الثاني كما لو وجد المشهود بنكاحها أما والشاهد عبدا أو مجلودا في قذف . ا هـ .

                                                                                        وبهذا علمت أن فرع الكرابيسي منقول في التلخيص واندفع الإيراد على القول بالتضمين إذا ظهر كذبه به بما لو وجد المشهود بنكاحها أما أو أختا فإنه ظهر الكذب ولا ضمان وشمل أيضا ما أتلفاه العقار فيضمنه الشاهد برجوعه كما في خزانة المفتين فهو وإن كان لا يضمن بالغصب عندهما خلافا لمحمد يضمن بالإتلاف وهذا منه وفي جامع صدر الدين ادعى عبدا في يده ملكا وقضي به فادعاه آخر وقضي له وادعاه آخر وقضي له ثم رجعوا ضمن كل فريق لمن شهد عليه قال محمد : ولا يشبه الوصية يعني لا يضمن للورثة لاتحاد المقضي عليه بخلاف الملك دليله وجد شهود الأول عبدا يرد عليه في الملك دون الوصية وتمامه فيه وشمل كل المشهود به أو بعضه فلذا قال في جامع الفصولين عند محمد شهدا له بدار وحكم له ثم قالا : لا ندري لمن البناء فإني لا أضمنهما قيمة البناء للمشهود عليه كأنهما قالا : قد شككنا في شهادتنا ولو قالا : ليس البناء للمدعي أضمنهما قيمة البناء وعن أبي يوسف شهدا له بدار فقالا قبل الحكم : إنما شهدنا بالعرصة أقبل شهادتهما على ذلك ولم يكن هذا رجوعا ولو قالاه بعد الحكم أضمنهما قيمة البناء . ا هـ .

                                                                                        ثم اعلم أن الضمان عنهما يسقط بأشياء : الأول ضمنهما نصف المهر ثم أقر به رده إليهما الثاني ضمنهما قيمة العبد ثم أقر بالإعتاق رده الثالث ضمنهما قيمة العين ثم وهبها المشهود له للمشهود عليه ردها إليهما الرابع رجع الواهب في هبته بقضاء بعدما ضمن الشاهدين رد الضمان الخامس ورثه المقضي عليه رد الضمان بخلاف ما لو اشتراه الكل من العتابية وشمل قوله أيضا ما أتلفاه جميع الأبواب إلا أن المصنف ذكر بعضها وفاته البعض فذكر الدين والنكاح والبيع والطلاق والعتاق والقصاص وشهود الفرع والمزكى وشاهد اليمين وسنشرح كل واحد منهما وقد فاته الهبة والإبراء والاستيفاء والتأجيل والحد والنسب والولاء والكتابة والتدبير وأمومة الولد والإقالة والوكالة والرهن والإجارة والمضاربة والشركة والشفعة والميراث والوصية الوديعة والعارية أما الهبة ففي المحيط شهدوا أنه وهب عبده من فلان وقبضه ثم رجعا بعد القضاء ضمنا قيمة العبد وحق الرجوع لا يمنع التضمين فإن ضمنهما القيمة لم يرجع فيها لوصول العوض ولا يرجع الشاهدان فيها ولو كان أبيض العين يوم شهدا بالهبة ثم رجعا والبياض زائل ضمنا قيمته أبيض لاعتبار القيمة يوم القضاء . ا هـ .

                                                                                        وأما الإبراء والتأجيل ففي المحيط شهدا أنه أبرأه عن الدين أو أجله سنة أو أوفاه فقضي به ثم رجعا ضمنا ولو شهدا أنه - [ ص: 131 ] أجله سنة فقضي بها ثم رجعا قبل الحلول أو بعده ضمنا ورجعا به على المطلوب إلى أجله ويبرأ الشاهدان بقبض الطالب الدين بعد مضي الأجل من المطلوب فإن ضمنا رجعا به على المطلوب إلى أجله وقاما مقام الطالب فإن نوى ما على المطلوب فمن مالهما ولو أسقط المديون الأجل لم يضمنا ولو شهدا أن له على آخر ألفا وآخران أنه أبرأه ثم رجعوا كلف مدعي الألف إقامة البينة ثانيا وخصمه في ذلك شهود براءة الدين رجعوا فيضمنها الألف ولا تصح إقامة البينة على الدين إلا بحضرة الشهود لا بحضرة المدعى عليه ولا يرجعان على المشهود له بالبراءة ا هـ .

                                                                                        وفي العتابية شهدوا على أنه أبرأه من الديون ثم مات الغريم مفلسا ثم رجعا لم يضمنا للطالب لأنه نوى ما عليه بالإفلاس . ا هـ .

                                                                                        وأما الحد فسنذكره مع القصاص وأما النسب والولاء والكتابة وأخواها فمع العتق وأما الإقالة فمع البيع وأما الوكالة ففي المحيط شهدا أنه وكله بقبض دينه من فلان أو وديعته فقبضه وأنكر الموكل ثم رجعا لم يضمنا لأن الشاهد سبب لتفويت إمكان القبض على الموكل والوكيل باشر تفويته فيكون الضمان على المباشر وفي العتابية ولا ضمان على شهود التوكيل بالإعتاق ولا على شهود التفويض ولا على شهود التوكيل بقبض الدين . ا هـ .

                                                                                        وأما الرهن ففي المحيط ادعى من له ألف على آخر أنه رهنه عبدا بها قيمته ألف والمطلوب مقر بالدين وشهدا بالرهن ثم رجعا لم يضمنا لأنهما أزالا بعوض ولو كان فيه فضل على الدين لم يضمنا ما دام العبد حيا فإن مات في يد المرتهن ضمنا الفضل على الدين ولو ادعى الراهن الرهن وأنكر المرتهن لم يضمنا الفضل ويضمنان قدر الدين للمرتهن وإن رجعا عن الرهن دون التسليم بأن قالا : سلم إليه هذا العبد وما رهنه لا يضمنان ا هـ .

                                                                                        وأما الإجارة ففي المحيط ركب بعير الرجل إلى مكة يدعي الإجارة بخمسين وأقام بينة فعطب وادعى صاحب البعير الغصب ثم رجعا ضمنا قيمة البعير يوم عطب إلا مقدار ما أخذ صاحب البعير من الأجر شهدا أنه أكراه دابته بمائة إلى موضع كذا أو أجر مثلها مائتان فركبها ثم رجعا لم يضمنا الفضل إن ادعى المستأجر الإجارة وجحد صاحب الدابة وإن ادعاه صاحب الإبل وجحد المستأجر ضمنا له ما أداه ما فوق أجر البعير وأما المضاربة ففي المحيط ادعى المضارب نصف الربح فشهدا به ورب المال مقر بالثلث ثم رجعا والربح لم يقبض لم يضمنا فإن قبضاه واقتسماه نصفين ثم رجعا ضمنا سدس الربح قيل : هذا في كل ربح حصل قبل رجوعهما فأما ربح حصل بعد رجوعهما فإن كان رأس المال عرضا فكذلك وإن كان نقدا فرب المال يملك فسخها فكان راضيا باستحقاق الربح ا هـ .

                                                                                        وأما الشركة ففي المحيط شهدا أنهما اشتركا ورأس مال كل واحد منهما ألف على أن الربح أثلاث وصاحب الثلث يدعي النصف وربحا قبل الشهادة فاقتسما أثلاثا ثم رجعا ضمنا لصاحب الثلث ما بين النصف والثلث وما ربحا بعد الشهادة فلا يضمنان عليهما . ا هـ .

                                                                                        وفي كافي الحاكم في يد رجل مال فشهد الرجل أنه شريكه شركة مفاوضة فقضي له بنصف ما في يديه ثم رجعا ضمنا ذلك النصف للمشهود عليه وأما الشفعة ففي المحيط ولو شهدا أن الدار التي في يد الشفيع ملكه فقضي له بالشفعة ثم رجعا لم يضمنا وإن كان الأول قد بنى فأمره القاضي بنقضه يضمنان قيمة بنائه ولهما النقض ا هـ .

                                                                                        وأما الميراث ففي المحيط شهدا لرجل مسلم أن أباه مات مسلما وعرف كافرا وللميت ابن آخر كافر ثم رجعوا ضمنوا الميراث للكافر الوارث وأما الوصية ففي المحيط ادعى رجل أن فلانا الميت أوصى له بالثلث من كل شيء وأقام البينة فقضي ثم رجعوا ضمنوا جميع الثلث وتمامه فيه وفي كافي الحاكم لو شهدا أن الميت أوصى إلى هذا في تركته فقضى القاضي بذلك ثم رجعا فلا ضمان عليهما والضمان على الوصي إن استهلك شيئا ا هـ .

                                                                                        وأما الوديعة والعارية ففي كافي الحاكم شهدا على رجل بوديعة فجحدها فضمنها إياه القاضي ثم رجعا ضمنا له ما غرم وكذلك العارية ا هـ .

                                                                                        [ ص: 129 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        [ ص: 129 ] ( قوله وصاحب المجمع وأصحاب الفتاوى في إطلاقهم ) كذا في النسخة وهي عبارة غير محررة لأن صاحب المجمع قال في شرحه هذا إذا قبض المدعي المال دينا كان أو عينا وأصحاب الفتاوى لم يقيدوا ( قوله وفي الخلاصة أنه قول أبي حنيفة الآخر ) أقول : عبارة الخلاصة هكذا الشاهدان إذا رجعا عن شهادتهما رجوعا معتبرا يعني عند القاضي لا يبطل القضاء لكن ضمنا المال الذي شهدا به وهذا قوله الآخر وهو قولهما وعليه الفتوى سواء قبض المقضي له المال الذي قضي له أو لم يقبض انتهت فقوله وهو قوله الآخر ليس نصا في رجوعه إلى الإطلاق وإلا لأخره والذي يظهر لي أنه أراد بقوله الآخر الضمان بالرجوع مطلقا أي سواء كان الشاهد كحاله الأول في العدالة أو لا فيكون إشارة إلى ما تقدم الكلام فيه في القولة السابقة يقر به ما في الفتح حيث قال واعلم أن الشافعية اختلفوا في هذه المسألة والصحيح عند الإمام والعراقيين وغيرهم أن الشهود يضمنون كمذهبنا والقول الآخر لا ينقض ولا يرد المال من المدعي ولا يضمن الشهود وهو عين قول أبي حنيفة الأول إذا كان حالهما وقت الرجوع مثله وقت الأداء ا هـ .

                                                                                        وفي الولوالجية ثم إذا صح الرجوع لا يبطل القضاء ولكن يضمنان المال الذي شهدا له به وهو قولهما وقول أبي حنيفة الآخر . ا هـ .

                                                                                        فهذه العبارة تؤيد ما قلنا ولو سلم أنه أراد رجوع الإمام عن التقييد بالقبض فنقول لو صح لم يمش على خلافه أصحاب المتون وغيرهم كالهداية والمختار والوقاية والغرر والإصلاح والكنز والمنتقى ومواهب الرحمن فكلهم قيدوا بالقبض وجزم به صاحب المجمع كما قدمناه والحدادي في الجوهرة ولو صح نقل الرجوع لذكره شراح الهداية فإنهم اقتصروا على شرح ما ذكره الماتن ونقلوا القول الآخر من غير ترجيح ولا ذكر رجوع وأنت على علم بأن ما أثبته أرباب المتون في متونهم مختار لهم لأن المتون موضوعة لنقل المذهب ومما هو مقرر مشتهر أن ما في المتون مقدم على ما في الشروح وما في الشروح مقدم على ما في الفتاوى فكيف لا يقدم ما في المتون والشروح على ما في الفتاوى وحينئذ فما كان ينبغي للتمرتاشي أن يجزم بما في الفتاوى في متن التنوير ويعدل عما عليه المتون .

                                                                                        ( قوله ثم اعلم أن تضمين الشاهد إلخ ) جعل لذلك أصلا العلامة ابن الشحنة في لسان الحكام حيث قال : دقيقة في إيجاب الضمان على الشاهدين الشاهدان متى ما ذكرا شيئا هو لازم للقضاء ثم ظهر بخلافه ضمنا ومتى ما ذكرا شيئا لا يحتاج إليه القضاء ثم تبين بخلاف ما قالا لا يضمنان شيئا حتى إن مولى الموالاة إذا مات وادعى رجل ميراثه بسبب الموالاة فشهد شاهدان أن هذا الرجل مولى هذا الذي أسلم والاه وعاقده وأنه وارثه لا نعلم له وارثا غيره فقضى له القاضي بميراثه فاستهلكه وهو معسر ثم إن رجلا آخر أقام البينة أنه كان نقض الولاء الأول ووالى هذا الثاني وأنه توفي وهذا الثاني مولاه ووارثه لا وارث له غيره فالقاضي يقضي بالميراث للثاني فيكون الثاني بالخيار إن شاء ضمن الشاهدين الأولين وإن شاء ضمن المشهود له الأول لأنه ظهر كذب الشاهدين الأولين فيما للحكم به تعلق وبيان ذلك في مسألة الولاء قولهما هو وارثه لا وارث له غيره أمر لا بد منه للقضاء له بالميراث فإنهم إذا شهدوا بأصل الولاء ولم يقولوا : إنه وارثه فالقاضي لا يقضي له بالميراث وإنما أخذ الأول الميراث بقول الشاهدين الأولين إنه مولاه ووارثه اليوم وقد ظهر كذبهما فضمنا بخلاف مسألة الشهادة بالنكاح فإنهما إذا شهدا أنه مات وهي امرأته لأن قولهما مات وهي امرأته زيادة غير محتاج إليها فإنهما لو قالا : كانت امرأته فإن القاضي يقضي لها بالميراث فصار وجود هذه الزيادة والعدم بمنزلة ولو انعدمت هذه الزيادة لكن لا يجب [ ص: 130 ] عليهما شيء لأنهما شهدا بنكاح كان ولم يظهر كذبهما في ذلك ثم ذكر مسألة الفروق [ ص: 131 ]

                                                                                        ( قوله وأما النسب والولاء والكتابة وأخواها فمع العتق ) أي فسنذكرها مع العتق الآتي في كلام المتن والمراد بأخوي الكتابة التدبير والاستيلاد وكأنه رحمه الله تعالى نسي فلم يذكر شيئا من أحكام النسب والولاء مستقلا بل ذكر الثلاثة فقط ولعله اكتفاء بما تضمنته من الولاء والنسب في الولوالجية ولو ادعى رجل أنه ابن رجل والأب يجحد وأقام البينة أنه ابنه ولد على فراشه فقضي بذلك وأثبت نسبه ثم رجعوا فلا ضمان عليهم سواء رجعوا في حال حياة الأب أو بعد وفاته أما في حال حياة الأب فلأنهما لم يشهدا على الأب بالمال وإنما شهدا عليه بالنسب والنسب ليس بمال وما ليس بمال لا يضمن بالمال وأما بعد وفاته فلأنهم لو ضمنوا ما ورث الابن المشهود له لسائر الورثة ولا يجوز ذلك لأن استحقاق الميراث يضاف إلى موت الأب لا إلى النسب لأن الميراث يستحق بالنسب والموت جميعا والموت آخرهما وجودا وكل حكم ثبت بعلة ذات وصفين يضاف إلى آخر الوصفين وجودا ( قوله شهدا أنه أكراه دابته بمائة إلخ ) كذا في النسخ ولعل الصواب أنه أكراه بمائتين وقوله وأجر مثلها مائتان لعل صوابه مائة فالعبارة مقلوبة كما يظهر بتأمل تمامها .




                                                                                        الخدمات العلمية