( باب ) مناسبته لشهادة الزور ظاهرة وهو أن الرجوع لا يكون غالبا إلا لتقدمها عمدا أو خطأ وترجم له بالباب مخالفا للهداية المترجم بكتاب إذ ليس له أبواب متعددة وهو إن كان رفعا للشهادة لكنه داخل تحتها كدخول النواقض في الطهارة والكلام فيه في مواضع : الأول في معناه لغة قال في المصباح رجع من سفره وعن الأمر يرجع رجوعا ورجعا ورجعى ومرجعا قال الرجوع عن الشهادة : هو نقيض الذهاب ا هـ . ابن السكيت
الثاني : في معناه اصطلاحا فهو نفي ما أثبته كذا في المحيط والثالث في ركنه وهو فلو أنكرها لم يكن رجوعا كما في خزانة المفتين الرابع في شرطه مجلس القاضي فلا يصح الرجوع في غيره وفائدته عدم قبول البينة على رجوعه وعدم استحلافه إذا أنكر كما سيأتي الخامس في صفته قال في العناية : إنه أمر مشروع مرغوب فيه ديانة لأن فيه خلاصا من عقاب الكبيرة ا هـ . قول الشاهد رجعت عما شهدت به أو شهدت بزور فيما شهدت به أو كذبت في شهادتي
وذكر الشارح أن شهادة الزور وكتمان الشهادة بالحق سواء فإذا شهد بزور عمدا أو خطأ أوجبت عليه التوبة وهي لا تصح إلا عند الحاكم ولا يمنعه عنها الاستحياء من المخلوقين وفيه تدارك ما أتلف بالزور ا هـ .
السادس في حكمه وهو شيئان : أحدهما يرجع إلى ماله والآخر إلى نفسه فالأول وجوب الضمان ويحتاج إلى بيان ثلاثة سببه وشرائطه ومقداره فسببه إتلاف المال أو النفس بها فإن وقعت إتلافا انعقدت سببا لوجوب الضمان وإلا فلا تنزيلا للسبب منزلة المباشرة وسيأتي بيانه مفصلا وشرطه كونه بعد القضاء ومجلس القضاء وكون المتلف بها عينا فلا ضمان لو رجع عن منفعة كالنكاح بعد الدخول ومنفعة وأن يكون الإتلاف بغير عوض لأنه بعوض إتلاف صورة لا معنى وقدر الواجب على قدر الإتلاف لأنه السبب والحكم يتقدر بقدر العلة وأما ما يرجع إلى نفيه فنوعان : وجوب الحد في شهادة الزنا سواء كان قبل القضاء أو بعده للقذف منهم ولو بعد الإمضاء رجما كان أو جلدا خلافا دار شهدا على المؤجر للمستأجر بإجارتها بأقل من أجر مثلها ثم رجعا في الرجم ووجوب الضمان وهو الدية عليهم إن رجعوا بعد الرجم لا بعد الجلد وإن مات منه والثاني وجوب التعزير عليه سوى شهادة الزنا إن تعمد الشهادة بالزور فظهر عند القاضي بإقراره كذا في البدائع فلا ضمان لو أتلفا حقا من الحقوق لزفر أو الرجعة أو تسليم الشفعة أو إسقاط خيار من الخيارات كذا في النتف ولا فرق في وجوب التعزير بين كونه قبل القضاء أو بعده وفي فتح القدير ولا يخلو عن نظر لأن الرجوع ظاهر في أنه توبة عن تعمد الزور إن تعمده والتهور والعجلة إن كان أخطأ فيه ولا تعزير على التوبة ولا عن ذنب ارتفع بها وليس فيه حد مقدر ا هـ قلت : إن رجوعه قد يكون لقصد إتلاف الحق ولجواز كون المشهود عليه غره بمال لا لما ذكره ولكنه خاص بما قبل القضاء وأما بعده فقد يظن بجهله أنه إتلاف على المشهود له مع أنه إتلاف لماله بالغرامة . كالعفو عن القصاص لو شهدا به ثم رجعا