قوله ( ) أي الجديد ; لأنه نصب ناظرا للمسلمين ، والمراد المحبوس في سجن القاضي فيبعث القاضي ثقة يحصيهم في السجن ، ويكتب أسماءهم وأخبارهم وسبب حبسهم ومن حبسهم ، وفي شرح أدب القضاء يجب على القاضي كتابة اسم المحبوس وأبيه وجده وما حبس بسببه وتاريخه فإذا عزل بعث النسخة التي فيها أسماؤهم إلى المتولي لينظر فيها ، وأما المحبوس في سجن الوالي فيجب على الإمام النظر في أحوالهم ، وحاصل ما ذكره ونظر في حال المحبوسين في كتاب الخراج أن من حبس من أهل الدعارة والتلصص والجنايات ولا مال لهم أن نفقتهم في بيت المال وكسوتهم ، وكذا أسراء المشركين وأن لا يبيت أحد في قيد إلا رجل مطلوب بدم ، وينبغي أن يولي على هذا الأمر رجلا صالحا يثبت أسماءهم عنده ويدفع نفقتهم وأدمهم شهرا بشهر ، ويدعو كل رجل ويدفع إليه بيده ويعفيهم عن الخروج في السلاسل يتصدق عليهم فإن هذا شيء عظيم ومن مات منهم ولا ولي له ولا قرابة فإن تجهيزه من بيت المال ، وأمر بالصلاة عليه ، ونظر في أحوالهم كل أيام فمن كان عليه أدب أدب وأطلق ومن لم يكن له قضية خلى سبيله إلى آخر ما ذكره رحمه الله . قوله ( فمن الإمام أبو يوسف ألزمه ) ; لأن كلا منهما حجة ملزمة ، وليس المراد بقوله [ ص: 301 ] ألزمه الحكم عليه ، وإنما المراد ألزمه الحبس كما أشار إليه أقر بحق أو قامت عليه بينة مسكين أي أدام حبسه ، ويصح أن يراد ألزمه بالحق وإليه يشير تقريره في فتح القدير ، والظاهر عندي ما قاله مسكين لأن الثاني لا يطرد في كل إقرار ; لأن المحبوس إذا أقر بسبب عقوبة خالصة كالزنا وشرب الخمر فإن القاضي لا يقيمه عليه ; لأن ما كان منه في مجلس المعزول بطل لكن يستقبل المولى الأمر فإذا أقر حده ثم بعد الحد يتأنى وينادي عليه ، ثم يطلقه بكفيل بنفسه كذا في شرح أدب القضاء فقال إني أقررت عند القاضي المعزول أربع مرات في الزنا ، ولم يقم الحد علي للخصاف ، وقوله أو قامت عليه بينة أعم من أن تشهد بأصل الحق أو بحكم القاضي عليه ، وأما المعزول فلا يقبل قوله لو قال حبسته بحق عليه ، كذا لو قال كنت حكمت عليه لفلان بكذا كما في السراج الوهاج وعلله في البداية بأنه كواحد من الرعايا وشهادة الفرد غير مقبولة لا سيما إذا كانت على فعل ا هـ .
فظاهره أنه لو شهد مع آخر لم تقبل شهادته ، رأيت في بعض كتب الشافعية أنه لو شهد مع آخر على حكمه لم تقبل إلا أن يقول إن قاضيا قضى عليه بكذا لفلان ا هـ .
وقواعدنا تأباه ; لأن الشهادة على قضاء القاضي من غير تسميته غير صحيحة ولم يذكر المؤلف رحمه الله إطلاقه بعد إلزامه لما في شرح أدب القضاء أنه إذا أقر لفلان بن فلان وعرفه القاضي أو شهد الشهود بنسبه ، وأحضر المال له أطلقه بلا كفيل ، وكذا إذا اختار المدعي إطلاقه وإن أشكل على القاضي أمر المدعي أمره بالدفع إليه ولا يطلقه بل يتأنى ، ثم يطلقه بكفيل خوفا من الاحتيال ا هـ .
قوله ( وإلا نادى عليه ) أي من لم يثبت عليه شيء أمر مناديا كل يوم في محلته وقت جلوسه من كان يطلب فلان بن فلان المحبوس بحق فليحضر حتى نجمع بينه وبينه فإن حضر واحد وادعى وهو على إنكاره ابتدأ الحكم بينهما ، وإلا تأنى في ذلك أياما على حسب ما يرى القاضي فإن لم يحضر أحد أخذ منه كفيلا بنفسه على الصحيح اتفاقا ، وأطلقه بخلاف مسألة القسمة فإن لم يأخذ من الورثة كفيلا ; لأن احتمال وارث آخر موهوم وهنا القاضي لا يحبسه إلا بحق ظاهر وخلافه موهوم فإن قال لا كفيل لي وأبى أن يعطي كفيلا وجب أن يحتاط نوعا آخر من الاحتياط فينادي شهرا فإن لم يحضر أحد أطلقه ، وقد بحث المحقق في فتح القدير بأنه لو قيل بالنظر إلى أن الظاهر أنه حبس بحق يجب أن لا يطلقه بقوله إني مظلوم حتى تمضي مدة يطلق فيها مدعي الإعسار كان جيدا ا هـ . أبا حنيفة
قلت : ليس بجيد لأنا عملنا بمقتضى هذا الظاهر بالنداء ، وأخذ الكفيل ولو أبقيناه في الحبس كما ذكره لسوينا بين المحقق والظاهر فإن المعسر تحققنا ثبوت الحق عليه بخلاف المحبوس بعد عزل القاضي ، ثم اعلم أن حاصل ما ذكره الصدر في المحبوسين أنه إن كان بسبب الدين فقد ذكرناه ، وإن كان بسبب قصاص أقر به اقتص منه للمقر له في النفس والطرف ، ولكن لا يطلقه في الطرف إلا بكفيل احتياطا وإن كان قال حبست بسبب حد الزنا لا يعمل القاضي بإقراره السابق ، وإنما يستأنف الآن وإن قال بسبب شهود علي به لا يحده بذلك [ ص: 302 ] وإن قال بسبب سرقة أقررت بها قطع المولى يده وأطلقه بكفيل وإن قال ببينة لا للتقادم ، وإن أقر أنه حبس بسبب حد الخمر لا يحده سواء قال بإقرار أو ببينة وإن قال بسبب قذف لفلان ، وصدقه حد مطلقا وأطلقه بكفيل .
[ ص: 299 - 300 ]