قوله ( ومن صح ) أما الخراج فلكونه دينا مطالبا به قيد به للاحتراز عن الزكاة في الأموال الظاهرة فإنه لا يجوز الضمان بها عن صاحب المال ; لأنها مجرد فعل ولهذا لا تؤخذ من تركته إلا بوصيته وأطلقه فشمل الخراج الموظف وخراج المقاسمة وخصصه بعضهم بالموظف وهو ما يجب في الذمة ونفى صحة الضمان بخراج المقاسمة ; لأنه لم يكن دينا في الذمة ، والرهن كالكفالة بجامع التوثق فيجوز في كل موضع تجوز الكفالة فيه هكذا ذكر الشارح وهو منقوض بالدرك فإن الكفالة به جائرة دون الرهن ، وأما النوائب فجمع نائبة وفي الصحاح النائبة المصيبة واحدة نوائب الدهر . ا هـ . ضمن عن آخر خراجه أو رهن به أو ضمن نوائبه أو قسمته
وفي اصطلاحهم قيل أراد بها ما يكون بحق كأجرة الحراس وكري النهر المشترك والمال الموظف لتجهيز الجيش وفداء الأسرى وقيل المراد بها ما ليس بحق كالجبايات التي في زماننا يأخذها الظلمة بغير حق فإن كان مراده هو الأول جازت الكفالة بها اتفاقا ; لأنه واجب مضمون وإن كان مراده الثاني ففيه اختلاف المشايخ فقال بعضهم لا تجوز الكفالة منهم ; لأنها ضم ذمة إلى ذمة في المطالبة أو الدين وهنا لا مطالبة ولا دين [ ص: 260 ] شرعيان على الأصيل فلم يتحقق معناها ، وقال بعضهم تجوز منهم صدر الإسلام البزدوي فخر الإسلام علي البرذوي أخو صدر الإسلام المتقدم ; لأنها في المطالبة مثل سائر الديون بل فوقها والعبرة للمطالبة ; لأنها شرعت لالتزامها فالمطالبة الحسية كالمطالبة الشرعية ولذا قلنا ومن قام بتوزيع هذه النوائب على المسلمين بالقسط أي بالعدل يؤجر وإن كان الآخذ بالأخذ ظالما وقلنا من قضى نائبه غيره بأمره رجع عليه وإن لم يشترط الرجوع وهو الصحيح كما في الخانية كمن قضى دين غيره بأمره وفي العناية قال شمس الأئمة هذا إذا أمره به لا عن إكراه أما إذا كان مكرها في الأمر فلا يعتبر أمره في الرجوع . ا هـ .
وفي فتح القدير وينبغي أن كل من قال : إنها ضم في الدين يمنع صحتها هنا ومن قال في المطالبة يمكن أن يقول بصحتها ويمكن أن يمنعها بناء على أنها في المطالبة في الدين أو معناه أو مطلقا . ا هـ .
وقوله بناء على أنها في المطالبة في الدين ممنوع لما قدمنا أنها لا تقتصر على المطالبة في الدين إذ لو كان كذلك لم يشمل التعريف الكفالة بالنفس ; لأنها ضم في المطالبة بالحضور وفي قوله أو مطلقا نظر ; لأنه إذا قال بأنها في المطالبة مطلقا لا يمنعها هنا .
وفي البزازية قال صادر الوالي رجلا وطلب منه مالا وضمن رجل ذلك وبذل الحط ثم قال الضامن ليس لك علي شيء ; لأنه ليس للوالي عليه شيء شمس الإسلام والقاضي يملك المطالبة ; لأن المطالبة الشرعية كالمطالبة الحسية . ا هـ .
ولو قال ; لأن المطالبة الحسية كالمطالبة الشرعية لكان أولى كما لا يخفى وظاهر كلامهم ترجيح الصحة ولذا قال في إيضاح الإصلاح والفتوى على الصحة فإنها [ ص: 261 ] كالديون الصحيحة حتى لو أخذت من الأكار فله الرجوع على مالك الأرض . ا هـ .
وفي الخانية الصحيح الصحة ويرجع على المكفول عنه إن كان بأمره ، وأما القسمة فقد قيل هي النوائب بعينها أو حصة منها والرواية بأو وقيل هي النائبة الموظفة الراتبة والمراد بالنوائب ما ينوبه عن راتب ، كذا في الهداية .
والحاصل أن المشايخ اختلفوا في معناه فأبو بكر بن سعيد ادعى أن هذه الكلمة غلط ; لأن القسمة مصدر والمصدر فعل وهذا الفعل غير مضمون ورد بأن القسمة تجيء بمعنى النصيب قال الله تعالى { ونبئهم أن الماء قسمة بينهم } والمراد النصيب .
والفقيه أبو جعفر الهنداوي قال معناها أن أحد الشريكين إذا طلب القسمة من صاحبه وامتنع الآخر عن ذلك فضمن إنسانا ليقوم مقامه في القسمة جاز ; لأن القسمة واجبة عليه ، وقال بعضهم معناها إذا اقتسما ثم منع أحد الشريكين قسم صاحبه فتكون الرواية على هذا قسمة بالضمير لا بالتاء ، وقد علمت أن القسمة بالتاء تجيء بمعنى القسم بلا تاء وقيل هي النوائب بعينها فالعطف للبيان والتفسير وقيل ما يخص الرجل منها ولكن كان ينبغي أن يعطف بالواو لا بأو ليكون من عطف الخاص على العام وقيل هي النائبة الموظفة الديوانية كل شهر أو ثلاثة أشهر والنوائب غير الراتبة ، كذا في العناية ثم من أصحابنا من قال الأفضل للإنسان أن يساوي أهل محلته في إعطاء النائبة ، قال شمس الأئمة هذا كان في ذلك الزمان لأنه إعانة على الحاجة والجهاد ، وأما في زماننا فأكثر النوائب تؤخذ ظلما ومن تمكن دفع المظلمة عن نفسه فهو خير له إذا أراد الإعطاء فليعط من هو عاجز عن دفع الظلم عن نفسه لفقر ليستعين به الفقير على الظلم وينال المعطي الثواب ، كذا في فتح القدير .
قوله ( ومن فالقول للضامن لأنه لم يقر بالدين لا دين عليه في الصحيح إنما أقر بمجرد المطالبة بعد الشهر ، قيد بالضمان ; لأنه لو أقر بمائة إلى شهر ، وقال المقر له هي حالة فالقول للمقر له ; لأن المقر أقر بالدين ثم ادعى حقا لنفسه وهو تأخير المطالبة إلى أجل وهذا هو الفرق ، وفرق آخر أن الأجل في الدين عارض حتى لا يثبت إلا بشرط فكان القول قول من أنكر الشرط كما في الخيار ، وأما الأجل في الكفالة فنوع حتى يثبت من غير شرط بأن كان مؤجلا على الأصيل ، قال لآخر ضمنت لك عن فلان مائة إلى شهر ) فقال هي حالة ألحق الدين بالكفالة والشافعي عكسه والفرق قد أوضحناه وذكر الشارح والحيلة فيها إذا كان عليه دين مؤجل وادعى عليه وخاف الكذب إن أنكر والمؤاخذة في الحال إن أقر أن يقول للمدعي هذا الذي تدعيه من المال حال أم مؤجل فإن قال مؤجلا فلا دعوى عليه في الحال وإن قال حال فينكره وهو صدوق فلا حرج عليه وقيل لمن عليه الدين مؤجلا إذا أنكر الدين ، وقال : ليس له قبلي حق ; فلا بأس به إذا لم يرد به إتواء حقه ا هـ . وأبو يوسف