قوله ( ) يعني ولا يحبسه لعدم ظهور مطله وهو مقيد بما إذا أراد الكفيل السفر إليه فإن أبى حبسه للحال من غير إمهال كما في البزازية وفي التتارخانية وإن كان في الطريق عذر لا يؤاخذ الكفيل به والإياب بالكسر الرجوع من آب يئوب أوبا وأوبة وإيابا ، كذا في الصحاح وأشار إلى أنه لو كفل بنفس محبوس أو غائب صح ، كما في البزازية وقوله وإن غاب أي وإن ثبت عند القاضي أن الكفيل غائب ببلد آخر بعلم القاضي أو ببينة أقامها الكفيل كما في البزازية أطلقه فشمل المسافة القريبة والبعيدة كما في فتح القدير . ( قوله : فإن مضت ولم يحضره حبسه ) ; لأنه ظهر مطله إلى أن يظهر للقاضي تعذر إحضاره بشهود أو بدلالة الحال فيطلقه كالمديون المفلس وينظره إلى وقت قدومه ولا يحول بينه وبين الطالب فيلازمه ولا يمنعه من أشغاله ، كذا في فتح القدير وإن أضرته ملازمته استوثق منه بكفيل ، كذا في التتارخانية . قوله ( فإن وإن غاب أمهله مدة ذهابه وإيابه لا يطالب به ) ; لأنه عاجز و لا بد من ثبوت أنه غائب لم يعلم مكانه إما بتصديق الطالب وعليه اقتصر الشارح أو ببينة أقامها الكفيل لما في القنية عن غاب ولم يعلم مكانه علي السغدي إذا فللدائن أن يلازم الكفيل حتى يحضره والحيلة في دفعه أن يدعي الكفيل عليه أن خصمك غائب غيبة لا تدرى فبين لي موضعه فإن أقام بينة على ذلك تندفع عنه الخصومة . ا هـ . غاب المكفول عنه
وفي ملازمة الطالب الكفيل عند عجزه عن إحضار الأصيل اختلاف ذكر السرخسي أنه يلازمه وذكر شيخ الإسلام أنه لا يلازمه ، كذا في التتارخانية فإن اختلفا ولا بينة فقال الكفيل لا أعرف مكانه ، وقال الطالب تعرفه فإن كان له خرجة معلومة للتجارة وفي كل وقت فالقول للطالب ويؤمر الكفيل بالذهاب إلى ذلك الموضع وإلا فالقول للكفيل لتمسكه بالأصل وهو الجهل وقوله لا يطالب به مقيد بما إذا لم يبرهن الطالب على أنه بموضع كذا فإن برهن أمر الكفيل بالذهاب إليه وإحضاره ; لأنه علم مكانه ولو علم أنه ارتد ولحق بدار الحرب يؤجل الكفيل مدة ذهابه وإيابه ولا تبطل باللحاق بدار الحرب ; لأنه وإن كان موتا حكما لكن بالنسبة إلى ماله وإلا فهو حي مطالب بالتوبة والرجوع هكذا أطلقه في النهاية وقيده في الذخيرة بما إذا كان الكفيل قادرا على رده بأن كان بيننا وبينهم مواعدة أنهم يردون إلينا المرتد وإلا لا يؤاخذ به . ا هـ .
وهو تقييد لا بد منه ثم في كل موضع قلنا : إنه يؤمر بالذهاب إليه للطالب أن يستوثق بكفيل من الكفيل حتى لا يغيب الآخر ، وفي الخانية الكفيل بالنفس إذا منع المكفول به عن السفر إن كانت الكفالة حالة كان له أن يمنعه حتى يخرجه عن عهدة الكفالة ، وإن كانت الكفالة مؤجلة ليس له أن يمنعه من الخروج قبل حلول الأجل . ا هـ .
ظاهره أن للكفيل ملازمة الأصيل إذا كانت حالة وإن لم يلازمه الطالب .
قوله ( فإن سلمه بحيث يقدر المكفول له أن يخاصمه كمصر برئ ) لأنه أتى بما التزمه إذ لم يلتزم تسليمه إلا مرة واحدة وحصل مقصود الطالب فلم تبق الكفالة كما لو تكفل بمال فقضاه أطلقه فشمل ما إذا كان للتسليم وقت فسلمه قبله أولا ; لأن الأجل حق الكفيل فله إسقاطه كالدين المؤجل إذا قضاه المديون [ ص: 229 ] قبل الحلول والتسليم بالتخلية بينه وبين الخصم وذلك برفع الموانع فيقول له هذا خصمك فخذه إن شئت فإن سلمه بعد طلبه برئ مطلقا وإلا فلا يبرأ حتى يقول سلمته إليك بجهة الكفالة ، وفي القنية كان المكفول له جالسا مع قوم في مدرسة فجاء الكفيل بالمكفول عنه ، وقال له هو المكفول عنه فلم يجلس بل مر وخرج إلى باب آخر فهذا القدر تسليم منه ا هـ .
قيد بقوله بحيث يقدر للاحتراز عما إذا سلمه في برية أو في سواد فإنه لا يبرأ لعدم قدرته على مخاصمته في ذلك المكان سواء شرط تسليمه في مجلس القاضي أو لا ، وفي الخانية وهو نظير ما إذا سلم المديون الدين للطالب حين خرج اللصوص فإنه لا يبرأ ، وفي القنية سلم الكفيل بالنفس المكفول عنه إلى الطالب ليلا في مكانه لا يمكنه العصمة وفر منه فإن كان التسليم بطلبه يخرج عن العهدة ا هـ .
[ ص: 228 ]