قوله ( وتصح بالنفس وإن تعددت ) أي الكفالة بأن أخذ منه كفيلا ثم كفيلا ثم آخر وجاز رجوع الضمير إلى النفس بأن كفل واحد نفوسا كما يجوز بالديون الكثيرة لإطلاق قوله عليه الصلاة والسلام { } من غير فصل بين الكفالة بالمال والكفالة بالنفس ولا يقال لا غرم في كفالة النفس ; لأنا نقول الغرم لزوم ضرر عليه ومنه قوله تعالى { الزعيم غارم إن عذابها كان غراما } ويمكنه العمل بموجبها بأن يخلي بينه وبين المكفول أو يرافقه إذا دعاه أو يكرهه بالحضور إلى مجلس القاضي وإن لم يقدر استعان بأعوان القاضي ولأنه التزم ما هو واجب على الأصيل وهو حضوره إلى مجلس القاضي وسيأتي حكم ما إذا تعدد الكفيل فسلم البعض هل يبرأ الباقي فإن قلت : قلت : يجبر المدعى عليه على إعطاء الكفيل بمجرد الدعوى سواء كان المدعى عليه معروفا أو لا في ظاهر الرواية إلا إذا كان غريبا وسيأتي في كتاب الدعوى وفي القنية ليس للمدعي ولا للقاضي طلب الكفيل بقوله لي عليه دعوى قبل بيان الدعوى ، وإذا طلب القاضي منه كفيلا وامتنع لا يحبسه القاضي وإنما يأمره بالملازمة ، كذا في البزازية وفي البزازية وفي الدين المؤجل إذا قرب الحول وأراد المديون السفر لا يجب إعطاء الكفيل وفي الصغرى ليس له مطالبة الكفيل ولم يقيد بالمؤجل ، وقال الثاني لو قيل له طلب الكفيل قياسا على نفقة شهر لا يبعد . هل يجبر أحد على إعطاء الكفيل بالنفس
وفي المنتقى قال رب الدين مديوني يريد السفر له التكفيل وإن كان الدين مؤجلا وفي الظهيرية قالت زوجي يريد أن يغيب فخذ بالنفقة كفيلا لا يجيبها الحاكم إلى ذلك ; لأنها لم تجب بعد واستحسن الثاني أخذ الكفيل رفقا بها وعليه الفتوى ويجعل كأنه كفل بما ذاب لها عليه وفي المحيط لو أفتى يقول الثاني في سائر الديون بأخذ الكفيل كان حسنا رفقا بالناس وفي شرح المنظومة الإمام لابن الشحنة وهذا ترجيح من صاحب المحيط . ا هـ .
وفي القنية إن عرف المديون بالمطل والتسويف يأخذ الكفيل وإلا فلا ، وجاز أن يكون المراد من تعددها أن يكون للكفيل كفيل ، ولذا قال في الخانية الكفيل بالنفس إذا أعطى الطالب كفيلا بنفسه فمات الأصيل برئ الكفيلان وكذا لو مات الكفيل الأول برئ الكفيل الثاني . ا هـ .
وأشار بجواز تعددها إلى أن المكفول له إذا أخذ من الأصيل كفيلا آخر بعد الأول لم يبرأ الأول ، كذا في الخانية فلقوله وإن تعددت ثلاثة أوجه .
قوله ( بكفلت بنفسه وبما عبر عن البدن ويجزئ شائع ) أي تصح بقوله كفلت بنفس فلان أو برأسه أو وجهه ورقبته وعنقه وكل عضو منه يعبر به عن جميع البدن أو بثلثه أو ربعه ، وقد قدمناه في الطلاق وقد ذكروا صحة الكفالة بالنفس ولم يذكروه في الطلاق وينبغي الوقوع به وذكروا في الطلاق الفرج ولم يذكروه هنا ، وينبغي صحة الكفالة به إذا كانت امرأة ، كذا في التتارخانية ولم يذكر الكفالة بالروح رحمه الله تعالى ما إذا كفل بعينه قال محمد لا يصح كما في الطلاق إلا أن ينوي به البدن والذي يجب أن تصح الكفالة به كالطلاق إذا تعين مما يعبر به عن الكل يقال عين القوم وهو عين في الناس ولعله لم يكن معروفا في زمانهم أما في زماننا فلا شك في ذلك ، بخلاف ما لو قال بيده أو رجله ويتأتى في دمه ما تقدم في الطلاق ، كذا في فتح القدير قيدنا بكونه جزء الكفيل عنه ; لأن الكفيل لو أضاف الجزء إليه بأن قال الكفيل كفل لك نصفي أو ثلثي فإنه لا يجوز ذكره في الكرخي في باب الرهن ، كذا في السراج الوهاج . ( قوله وبضمنته ) أي البلخي ; لأنه تصريح بمقتضاها [ ص: 226 ] قيد بقوله ضمنته لأنه لو قال أنا ضامن حتى تجتمعا أو تلتقيا لا يكون كفيلا ; لأنه لم يبين المضمون نفسا أو مالا ، كذا في الخانية وفي السراج الوهاج لو قال علي حتى تجتمعا أو تلتقيا فهو جائز ; لأن قوله هو علي ضمان مضاف إلى العين وجعل الالتقاء غاية له وفي التتارخانية هو علي حتى نجتمعا فهو كفيل إلى الغاية التي ذكرها وعلى هذا فلو قال حتى تلتقيا فهو كفيل إلى الغاية . ا هـ . تصح بقوله ضمنت لك فلانا
( قوله وبعلي ) ; لأن كلمة على للوجوب فهي صيغة التزام وفي التتارخانية . قوله ( وإلي ) بمعناه لقوله صلى الله عليه وسلم { قال لك عندي هذا الرجل أو قال دعه إلي كانت كفالة } أي يتيما فإلي { من ترك كلا فإلي } . ( قوله : وأنا زعيم ) ; لأن الكفيل يسمى زعيما قال الله تعالى حكاية عن صاحب ومن ترك مالا فلورثته يوسف { وأنا به زعيم } أي كفيل كذا ذكر الشارحون لكن ذكر في شرح مختصر الرازي أن من الناس من يظن أن قوله تعالى { الطحاوي ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم } أن ذلك كفالة وليس منها في شيء ; لأن القائل مستأجر لمن جاء به وهو الذي يلزمه ضمان الأجرة التي عقد عليها لمن جاء به وليس ضمانا عن أحد وجوابه يحمل على أنه كان رسولا من جهة الملك والرسول سفير فلا تجب الأحكام عليه ، كأن يقول إن الملك قال لمن جاء به حمل بعير ثم يقول من جهته وأنا بذلك الحمل على الملك كفيل ، وذكر بعدما قرر أنها دليل الكفالة إلا أن هذه كفالة لرد مال السرقة وهو كفالة ما لم يجب ; لأنه لا يحل للسارق أن يأخذ شيئا على رد السرقة ولعل مثل هذه الكفالة كانت تصح عندهم . ا هـ . الفخر الرازي
وذكر القاضي أن في هذه الآية دليلا على جواز الجعالة وضمان الجعل قبل تمام العمل . ا هـ .
وفي الدر المنثور للأسيوطي عن في قوله { مجاهد وأنا به زعيم } قال الزعيم هو المؤذن الذي قال أيتها العير ا هـ .
قوله ( وقبيل به ) أي بفلان لأن القبيل هو الكفيل ولذا سمي الصك قبالة ; لأنه يحفظ الحق فمعناه القابل للضمان وفي الصحاح القبيل الكفيل والعريف وقد قبل به يقبل به قبالة ونحن في قبالته أي في عرافته والقبيل الجماعة تكون من الثلاثة فصاعدا من قوم شتى مثل الروم والزنج والعرب والجمع قبل . ا هـ .
وفي التتارخانية أنا قبيل لك بنفس فلان كان كفيلا كما لو قال علي أن آتيك به سواء . قوله ( لا بأنا ضامن لمعرفته ) أي لا تصح بهذا القول ، وقال يصير ضامنا للعرف لأنهم يريدون به الكفالة وجه ما في الكتاب أنه التزم معرفته دون المطالبة فصار كالتزامه دلالة عليه أو قال أوقفك عليه ، وقال أبو يوسف هذا القول عن الفقيه أبو الليث غير مشهور والظاهر ما عنهما وفي خزانة الواقعات وبه يفتى أي بظاهر الرواية ، كذا في فتح القدير وفي الخلاصة وعليه الفتوى قيد بالمعرفة ; لأنه لو قال أنا ضامن لتعريفه أو على تعريفه ففيه اختلاف المشايخ والوجه اللزوم ; لأنه مصدر متعد إلى اثنين فقد التزم أن يعرفه الغريم بخلاف معرفته فإنه لا يقتضي إلا معرفة الكفيل للمطلوب ، كذا في فتح القدير ولو قال أنا ضامن لوجهه فإنه يؤخذ به ; لأن الوجه يعبر به عن الجملة فكأنه قال أنا ضامن له ، كذا في السراج الوهاج وأشار إلى أنه لو قال أنا أعرفه لا يكون كفيلا كما في السراج وفي الخانية ولو قال أنا كفيل لمعرفة فلان لا يكون كفيلا ولو قال معرفة فلان علي قالوا يلزمه أن يدل عليه . ا هـ . أبي يوسف
وفي التتارخانية ألفاظ الكفالة كل ما ينبئ عن العهدة في العرف والعادة ثم قال لو كفل بنفس [ ص: 227 ] رجل وسلمه إليه وبرئ ثم إن الطالب لزم المطلوب فقال له الكفيل دعه وأنا على كفالتي أو على مثل كفالتي لا شك أنه كفالة مبتدأة ولم يذكر المصنف الكفالة المقيدة بالوقت قال في الخانية ذكر في الأصل أنه يصير كفيلا بعد الأيام الثلاثة وجعله بمنزلة ما لو قال لامرأته أنت طالق إلى ثلاثة أيام فإن الطلاق يقع بعد ثلاثة أيام ، وكذا لو باع عبدا بألف إلى ثلاثة أيام يصير مطالبا بالثمن بعد الأيام الثلاثة وعن رجل كفل بنفس رجل إلى ثلاثة أيام يصير كفيلا في الحال ، وقال في الطلاق يقع الطلاق في الحال أيضا ، وقال أبي يوسف الفقيه أبو جعفر يصير كفيلا في الحال قال وذكر الأيام الثلاثة لتأخير المطالبة إلى ثلاثة أيام لا لتأخير الكفالة .
ألا ترى أنه لو سلم المكفول به قبل الأيام الثلاثة يجبر الطالب على القبول كتعجيل الدين المؤجل وما ذكر في الأصل أراد به أن يكون كفيلا مطالبا بعد الثلاثة وغيره أخذ بظاهر الكتاب وقالوا لا يصير كفيلا للحال ، فإذا مضت قبل تسليم النفس كان كفيلا أبدا إلى أن يسلم ، فإذا قال صار كفيلا في الحال ، فإذا مضت العشرة خرج عنها ، ولو قال أنا كفيل بنفس فلان من اليوم إلى عشرة أيام قال أنا كفيل بنفسه إلى عشرة أيام ، فإذا مضت العشرة فإني بريء ابن الفضل لا مطالبة عليه بها لا فيها ولا بعدها وذكر في الأصل كان كفيلا أبدا كقوله أنت طالق شهرا ، ولو قال : كفلت بنفس فلان شهرا . عن على نفسه إلى شهر أنه قال لا سبيل عليه حتى يمضي شهر ولو محمد قال هذا لم يضمن شيئا ا هـ . قال : نفسه على إلى شهر . فإذا مضى شهر فأنا بريء منه
وفي التتارخانية إذا كفل إلى ثلاثة أيام كان كفيلا بعد الثلاثة ولا يطالب في الحال في ظاهر الرواية في السراج وهو الأصح وفي الصغرى وبه يفتى وفي البزازية . كفل بنفسه إلى شهر على أنه بريء إذا مضى شهر
قال الفتوى على أنه لا يصير كفيلا وفي الواقعات الفتوى على أنه يصير كفيلا كفل إلى شهر طالبه بعد شهر ويبطل ما قاله البعض أنه كفيل في الحال مؤجلا إلى شهر دل عليه ما ذكره الفقيه أبو الليث عصام أنه لو قال أنت طالق إلى شهر يقع بعد الأجل إلا أن ينوي الوقوع في الحال دل على أنه لا يصير كفيلا في الحال وبه يفتى ، بخلاف حيث يصير الأمر بيدها في الحال إلى شهر ; لأن الطلاق لا يحتمل التأقيت والأمر يحتمله ، وكذا الكفالة تحتمل التأقيت ولا نعني بقوله أنه كفيل بعد شهر أنه ليس بكفيل للحال . ألا تر أن الكفيل لو سلم للحال يجب على الطالب القبول ولو لم يصر كفيلا إلا بعد الشهر لما أجبر في الحال لكن ذكر الشهر تأجيل للكفيل حتى لا يطالب للحال ويطالب بعد الأجل ا هـ . أمر امرأتي بيدها إلى شهر