الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله وعلو سقط ) أي لم يجز بيع علو بعد انهدامه لأن الباقي بعد سقوطه حق التعلي ، وهو ليس بمال لأن المال ما يمكن إحرازه ، والمال هو المحل المبيع بخلاف الشرب حيث يجوز بيعه تبعا للأرض باتفاق الروايات ، ومفردا في رواية ، وهو اختيار مشايخ بلخ لأنه حظ من الماء ، ولهذا يضمن بالإتلاف ، وله قسط من الثمن ، وسيأتي تمامه في الشرب إن شاء الله تعالى ، وقيد بسقوطه لأن بيعه قبل سقوطه جائز كما في فتح القدير لأن المبيع البناء فعلى هذا يجوز بيع سقف البيت قبل نقضه كما يجوز بيع البناء قبل هدمه لكن في عمدة الفتاوى لا يجوز بيع بناء الوقف قبل هدمه ولا الأشجار الموقوفة المثمرة قبل قلعها بخلاف غير المثمرة . ا هـ .

                                                                                        وأشار المصنف إلى أن العلو لو سقط قبل القبض فإن البيع يبطل كهلاك المبيع قبل القبض كما في فتح القدير ، والعلو خلاف السفل بضم العين وكسرها كذا في المصباح ، ولم يذكر المصنف بيع الطريق والمسيل ، وفي الهداية وبيع الطريق وهبته جائز ، وبيع مسيل الماء وهبته باطل ، والمسألة تحتمل وجهين بيع رقبة الطريق والمسيل ، وبيع حق المرور ، والتسييل فإن كان المراد الأول فوجه الفرق بين المسألتين [ ص: 89 ] أن الطريق معلوم لأن له طولا وعرضا معلوما أما المسيل فمجهول لأنه لا يدري قدر ما يشغله من الماء ، وإن كان الثاني ففي بيع حق المرور روايتان وجه الفرق على أحدهما بينه وبين حق التسييل أن حق المرور معلوم لتعلقه بمحل معلوم ، وهو الطريق ، وأما المسيل على السطح فهو حق التعلي ، وعلى الأرض مجهول لجهالة محله ، ووجه الفرق بين حق المرور ، وحق التعلي على إحدى الروايتين أن حق التعلي يتعلق بعين لا تبقى ، وهو البناء فأشبه المنافع أما حق المرور يتعلق بعين تبقى ، وهو الأرض فأشبه الأعيان ا هـ .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله لأن المال ما يمكن إحرازه إلخ ) قال الرملي عبارة الزيلعي ، ومحل البيع المال ، وهو ما يمكن إحرازه ، وقبضه ، والهواء لا يمكن إحرازه ( قوله ولهذا يضمن بالإتلاف ) قال الرملي ، وفي شرح المجمع لابن مالك لا يضمن بالإتلاف فراجعه ، والظاهر أن ما هنا مخرج على غير ظاهر الرواية . ا هـ .

                                                                                        قلت : قال في النهر بعد نقل ما ذكره المؤلف عن الزيلعي ، وأما تضمينه بالإتلاف بالمعنى الذي ذكره الشارح فهو إحدى الروايتين ، والفتوى على أنه لا يضمن كما في الذخيرة ، وفي الظهيرية ، وهو الأصح ، وعن الشيخ جلال الدين بن صاحب الهداية أنه قصر ضمانه بالإتلاف على ما إذا شهد به الآخر ثم رجع بعد القضاء ، وقال لا وجه للضمان بالإتلاف إلا بهذه الصورة لأنه لو ضمن بغيرها فإما بالسقي أو بمنع حق الشرب لا وجه للأول لأن الماء مشترك بين الناس ، ولا إلى الثاني لأن منع حق الغير ليس سببا للضمان بل السبب منع ملك الغير ، ولم يوجد كذا في الفتح ( قوله قيد بسقوطه إلخ ) قال في الفتح فرع باع العلو قبل سقوطه جاز فإن سقط قبل القبض بطل البيع لهلاك المبيع قبل القبض . ا هـ .

                                                                                        وفي الخانية رجل له علو ، وسفل فقال لرجل بعت منك علو هذا السفل بكذا جاز البيع ، ويكون سطح السفل لصاحب السفل ، وللمشتري [ ص: 89 ] حق القرار ، وكذا لو انهدم هذا العلو كان للمشتري أن يبني عليه علوا آخر مثل الأول لأن السفل اسم لمبنى مسقف فكان سطح السفل سقفا للسفل ا هـ . فتأمله مع قول المؤلف لأن المبيع البناء .




                                                                                        الخدمات العلمية