( كتاب اللقطة ) .
وجه تأخيرها ظاهر قال في القاموس لقطه أخذه من الأرض فهو ملقوط واللقطة محركة كهمزة ما التقط ا هـ .
وفي المغرب الشيء الذي تجده ملقى فتأخذه قال اللقطة الأزهري ولم أسمع اللقطة بالسكون لغير ا هـ . الليث
وفي فتح القدير هي فعلة بفتح العين وصف مبالغة للفاعل كهمزة ولمزة ولعنة وضحكة للكثير الهمز وغيره وبسكونها للمفعول كضحكة وهمزة للذي يضحك منه ويهزأ به .
وإنما قيل للمال لقطة بالفتح لأن طابع النفوس تتبادر إلى التقاطه لأنه مال فصار المال باعتبار أنه داع إلى أخذه لمعنى فيه نفسه كأنه الكثير الالتقاط مجازا وإلا فحقيقته الملتقط الكثير الالتقاط وما عن الأصمعي أنه بفتح القاف اسم للمال أيضا محمول على هذا يعني يطلق الالتقاط على المال أيضا ا هـ . وابن الأعرابي
ولم يذكر أكثر الشارحين تعريفها اصطلاحا وعرفها في التتارخانية معزيا إلى المضمرات بأنها مال يوجد ولا يعرف له مالك وليس بمباح ا هـ .
فخرج ما عرف مالكه فإنه أمانة لا لقطة ولأن حكمها التعريف وهذا لا يعرف بل يدفع إلى مالكه وخرج بالأخير مال الحربي لكن يرد عليه ما كان محرزا بمكان أو حافظ فإنه ليس لقطة وهو داخل في التعريف فالأولى أن يقال هي مال معصوم معرض للضياع وعرفها في المحيط بأنها رفع شيء ضائع للحفظ على الغير لا للتمليك وجعل عدم الحافظ لها من شرائطها ثم قال في آخر الباب لا ضمان عليه لأنه متاع ضائع كاللقطة فإن كان الثوب تحت رأسه أو كانت دراهمه في كمه فأخذها ليحفظها فهو ضامن لأنه ليس بضائع لأنه محفوظ بمالكه ا هـ . أخذ الثوب من السكران الواقع النائم على الأرض ليحفظه فهلك في يده
والكلام فيها في مواضع في الالتقاط والملتقط واللقطة أما الأول ولم يذكره المصنف للاختلاف فيه ففي الخلاصة فإن خاف ضياعها يفترض الرفع وإن لم يخف يباح رفعها أجمع العلماء عليه والأفضل [ ص: 162 ] الرفع في ظاهر المذهب ا هـ .
وأقره عليه في فتح القدير وفي البدائع أنه مندوب الأخذ ومباحه وحرامه فالأول أن يخاف عليها الضياع لو تركها لأنه إحياء لمال المسلم فكان مستحبا وقال الشافعي وإلا استحب لأن الترك عند الخوف تضييع والتضييع حرام وهذا غير سديد لأن الترك لا يكون تضييعا بل امتناع عن حفظ غير ملتزم وهو ليس بتضييع كالامتناع عن قبول الوديعة وأما حالة الإباحة فأن لا يخاف الضياع وأما حالة الحرمة فهو أن يأخذها لنفسه لا لصاحبها فتكون في معنى الغصب ا هـ . إذا خاف الضياع وجب أخذها
فقد علمت أن ما في الخلاصة ليس مذهبنا وفي المحيط أن الأخذ مندوب إن أمن على نفسه التعريف والرد على صاحبها وإن خاف الضياع فعليه أن يأخذها صيانة لحق المسلم لأن لماله حرمة كما لنفسه وإن كان لا يأمن على نفسه فالترك أولى ا هـ .
وهو موافق لما في الخلاصة ومثله في المجتبى وأشار في الهداية إلى التبري منه بقوله وهو واجب إذا خاف الضياع على ما قالوا ولم أر حكم ما ومقتضى القول بافتراض رفعها الضمان لو لم يرفع وضاعت لكن في جامع الفصولين في الفصل الثالث والثلاثين إذا ضاعت بعدما خاف الضياع ولم يلتقطها فلو لم يأخذه برئ ولو أخذه ثم تركه ضمن لو مالكه غائبا لا لو حاضرا وكذا لو رأى ما وقع من كم رجل ا هـ . لو انفتح زق فمر به رجل
فهذا يدل على عدم الافتراض إلا أن يقال أن فائدة الافتراض الإثم بالترك لا الضمان في الدنيا بدليل أنهم قالوا يأثم ولا يضمن وأما الملتقط فلم أر من بين شرائطه ولا يشترط بلوغه بدليل ما في المجتبى التعريف إلى ولي الصبي والوارث ا هـ . لو منع المالك عن أمواله حتى هلكت
فدل على صحة التقاطه وأما فليست بشرط لأن للعبد يدا صحيحة بدليل قولهم كما في البزازية من الوديعة حرية الملتقط ما لم يحضر ويظهر أنه من كسبه لاحتمال أن تكون وديعة الغير في يد العبد فإن برهن أنه للعبد تدفع إليه ا هـ . ليس للمالك أن يأخذ وديعة عبده مأذونا أم لا
لكن قدمنا أنه فإن محجورا فالقول للمولى وإن مأذونا فللعبد ولم أر لو التقط لقيطا فقال المولى هو عبدي وقال العبد التقطته وينبغي أن يكون كذلك ولم أر حكم تعريف لقطته هل إليه أو إلى مولاه وإذا عرفت فهل يتملكها المولى إن كان فقيرا وهل يتوقف الالتقاط على إذن المولى وهل الإذن في التجارة إذن في الالتقاط وهل المكاتب كالحر أو العبد فيه ثم رأيت في الكافي حكم اللقطة إذا تنازعا فيها عن للحاكم أبي سعيد مولى أبي رشيد قال وجدت خمسمائة درهم بالحيرة وأنا مكاتب قال فذكرت ذلك رضي الله عنه فقال اعمل بها وعرفها قال فعملت بها حتى أديت مكاتبتي ثم أتيته فأخبرته فقال ادفعها إلى خزائن بيت المال ا هـ . لعمر بن الخطاب
وسيأتي أن فالجعل لمولاه فينبغي أن يكون أهلا للالتقاط وأن المولى يعرفها ثم يتملكها إن كان فقيرا . العبد لو رد الآبق
وأما فليس بشرط بدليل ما في الكافي إسلام الملتقط للحاكم قبلت ا هـ . لو أقام مدعيها شهودا كفارا على ملتقط كافر
فدل على صحة التقاط الكافر وعلى هذا تثبت الأحكام من التعريف والتصديق بعده أو الانتفاع ولم أره صريحا ولم أر والظاهر أن مشايخنا إنما لم يقيدوا الملتقط بشيء لإطلاقه عندنا ولم يذكر حكم التقاط المرتد لقيطا أو لقطة المصنف أن الملتقط أحق بإمساكها من غيره [ ص: 163 ] وذكر في اللقيط أنه ليس لأحد أخذه منه وفي الولوالجية فلا خصومة بينه وبين ذلك الرجل فرق بينها وبين الوديعة والفرق أن الثاني في أخذ اللقطة كالأول وليس الثاني في أخذ الوديعة كالأول رجل التقط لقطة فضاعت منه ثم وجدها في يد رجل فالأول أحق به لأن الأول صار أحق بإمساكه بحكم اليد لأنه ليس له مستحق آخر بحسب الظاهر لأنه لو كان له مستحق لما وجده مطروحا من حيث الظاهر ولا كذلك اللقطة لأن لها مستحقا آخر من حيث الظاهر فلا يثبت الاستحقاق لصاحب اليد الأول فكان الثاني في إثبات اليد كالأول ا هـ . ولو التقط الرجل لقيطا فأخذه منه رجل ثم اختصما فيه
فقد علمت أن الملتقط ليس أحق بها وهو مشكل لو انتزعها إنسان منه غصبا فإنه يثبت للأول حق أن يتملكها بعد التعريف لو كان فقيرا فكيف يبطله الثاني نعم لو ضاعت من الأول والتقطها آخر فإن الأول لا يخاصمه لأنها لقطة للثاني والأول لا يملك الخصومة ولا يقال إن كلامهم فيما إذا ضاعت لأنا نقول قد بينا أنهما مسألتان الأولى فيما إذا ضاعت وفرقوا بينها وبين الوديعة الثانية فيما إذا أخذها رجل منه وفرقوا بينها وبين اللقيط وأما اللقطة فلا فرق عندنا بين لقطة ولقطة كما أفاده بقوله وصح ولا فرق بين مكان ومكان كما أفاده بقوله ( التقاط البهيمة أمانة إن أخذها ليردها على ربها وأشهد ) لإطلاق قوله عليه السلام { لقطة الحل والحرم } وأما قوله عليه السلام في اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة الحرم { } فتأويله أنه لا يحل الالتقاط إلا للتعريف والتخصيص ولا تحل لقطته إلا لمنشدها بالحرم لبيان أنه لا يسقط التعريف فيه لمكان أنه للغرباء ظاهرا .
وأما كونها أمانة فلأن الأخذ على هذا الوجه مأذون فيه شرعا بل هو الأفضل عند العامة قيد بأخذها ليردها لأنه يضمن بالإجماع لأنه أخذ مال الغير بغير إذنه وبغير إذن الشرع ولو لو أقر أنه أخذها لنفسه فلا ضمان إجماعا لأن تصادقهما حجة في حقهما كالبينة وبه علم أن الإشهاد إنما هو شرط عند الاختلاف بأن قال الملتقط أخذته للمالك وكذبه المالك فإنه ضامن تصادقا على أنه أخذها للمالك عندهما وقال أبو يوسف لا يضمن والقول قوله لأن الظاهر شاهد له لاختياره الحسنة دون المعصية ولهما أنه أقر بسبب الضمان وهو أخذ مال الغير وادعى ما يبرئه وهو الأخذ لمالكه وفيه وقع الشك فلا يبرأ وما ذكر من الظاهر معارض بمثله لأن الظاهر أن يكون المتصرف عاملا لنفسه ورجح في الحاوي القدسي قول أبي يوسف قال وبه نأخذ ا هـ .
ويكفيه في الإشهاد أن يقول من سمعتموه ينشد لقطة فدلوه عليها واحدة كانت اللقطة أو أكثر لأنه اسم جنس كذا في الهداية وفي الينابيع ذكر في بعض الكتب قول مع محمد والأصح أنه مع أبي حنيفة أبي يوسف ا هـ .
ويكفيه في الإشهاد أيضا أن يقول عندي لقطة كما في شرح ولا يشترط التصريح بكونه لقطة لأنه لو قال عندي شيء فمن سمعتموه يسأل فدلوه على كفاه كما في الولوالجية ومحل اشتراط الإشهاد عند الإمكان فلو لم يجد من يشهده عند الرفع أو خاف أنه لو أشهد عند الرفع يأخذه منه الظالم فترك الإشهاد لا يضمن كذا في الخانية وفي فتح القدير والقول قوله مع يمينه كوني منعني من الإشهاد كذا في الخانية فإن وجد من يشهده فجاوزه ضمن وفي القنية الطحاوي يضمن كالبائع ا هـ . وجد الصبي لقطة ولم يشهد
وهذا يدل على ما قدمناه من صحة التقاطه وفي الولوالجية محل الاختلاف فيما أما إذا اختلفا في كونها لقطة فقال صاحب المال أخذتها غصبا وقال الملتقط لقطة وقد أخذتها لك فالملتقط ضامن بالإجماع ا هـ . إذا اتفقا على كونها لقطة لكن اختلفا هل التقطها للمالك أو لا
ولم يذكر المصنف حكم ما إذا ردها إلى مكانها وفي الولوالجية وغيرها فقد برئ [ ص: 164 ] عن الضمان هذا إذا أعادها قبل أن يتحول عن ذلك المكان أما إذا أعادها بعدما تحول يضمن ولو كانت دابة فركبها ثم نزل عنها فتركها في مكانها على قول وإذا أخذ الرجل لقطة ليعرفها ثم أعادها في المكان الذي أخذها منه أبي يوسف هو ضامن وعلى قول لا وكذا زفر ولو أعاده قبل أن ينتبه من تلك النومة برئ عن الضمان اتفاقا ا هـ . إذا أخذ الخاتم من أصبع نائم ثم أعاده إلى أصبعه بعدما انتبه
والتفصيل المذكور خلاف ظاهر الرواية فإنها عدم الضمان مطلقا وهو الوجه كما في فتح القدير ورجحه في البدائع أيضا وأطلق في الإشهاد فانصرف إلى من تقبل شهادته وهو عدلان ولذا قال في فتح القدير وظاهر المبسوط اشتراط عدلين ا هـ .