( قوله ) يعني أن الإمام بالخيار إن شاء قتلهم لأنه عليه السلام قد قتل ولأن فيه حسم مادة الفساد وإن شاء استرقهم لأن فيه دفع شرهم مع وفور المنفعة لأهل الإسلام وإن شاء تركهم أحرارا ذمة للمسلمين لما بينا إلا مشركي العرب والمرتدين فإنهم لا يسترقون ولا يكونون ذمة على ما نبين إن شاء الله تعالى وليس له فيمن أسلم منهم إلا الاسترقاق لأن قتله أو وضع الجزية عليه بعد إسلامه لا يجوز . وقتل الأسرى أو استرق أو تركهم أحرار ذمة لنا
قيد بكون الخيار للإمام لأنه لأن الرأي فيه إلى الإمام فقد يرى مصلحة المسلمين في استرقاقه فليس له أن يفتات عليه . وعلى هذا فلو قتل بلا ملجئ بأن خاف القاتل شر الأسير كان له أن يعزره إذا وقع على خلاف مقصوده ولكن لا يضمن بقتله شيئا كذا في فتح القدير وفي القاموس الأسير الأخيذ والمقيد والمسجون ، والجمع أسراء وأسارى وأسارى وأسرى ( قوله وحرم ليس لواحد من الغزاة أن يقتل أسيرا بنفسه ) لأن في ردهم تقويتهم على المسلمين وفي الفداء بهم معونة الكفرة لأنه يعود حربا علينا ، ودفع شر حرابه خير من استخلاص الأسير المسلم لأنه إذا بقي في أيديهم كان ابتلاء في حقه غير مضاف إلينا ، والإعانة بدفع أسيرهم إليهم مضاف إلينا فلا يجوز عند الإمام ردهم إلى [ ص: 90 ] دار الحرب والفداء والمن وجوزا أن يفادي أسرى المسلمين تخليصا للمسلم وجوابه ما مر . أبي حنيفة
أطلق في منع الفداء فشمل الشيخ الكبير الذي لا يرجى له نسل وعن جوازه كما في الولوالجية وشمل إطلاق الحربي وأخذ المسلم الأسير عوضا عنه واستنقاذه منا بمال نأخذه منه قال في المغرب فداه من الأسر فداء وفدى : استنقذه منه بمال . والفدية اسم ذلك المال . والمفاداة بين اثنين يقال فاداه إذا أطلقه وأخذ فديته وعن محمد المفاداة أن تدفع رجلا وتأخذ رجلا والفداء أن تشتريه وقيل هما بمعنى ا هـ . المبرد
وفي الثاني خلاف ففي المشهور من المذهب لا يجوز وفي السير الكبير لا بأس به إذا كان بالمسلمين حاجة استدلالا بأسرى بدر ولو كان أسلم الأسير في أيدينا لا يفادى بمسلم أسر في أيديهم لأنه لا يفيد إلا إذا طابت نفسه به وهو مأمون على إسلامه وأما المن فقال في القاموس من عليه منا أنعم واصطنع عنده صنيعة ا هـ .
واختلفت العبارات في المراد به هنا ففي فتح القدير هو أن يطلقهم إلى دار الحرب بغير شيء وفي غاية البيان والنهاية هو الإنعام عليهم بأن يتركهم مجانا بدون إجراء الأحكام عليهم من القتل والاسترقاق أو تركهم ذمة للمسلمين ا هـ .
ولا يصح الأول في كلام المختصر لأنه هو عين قوله وحرم ردهم إلى دار الحرب وإنما حرم لأن بالأسر ثبت حق الغانمين فلا يجوز إبطال ذلك بغير عوض كسائر الأموال المغنومة وقيد بفداء الكفار لأنه يجوز فداء أسرى المسلمين به الذين في دار الحرب بالدراهم والدنانير وما ليس فيه قوة للحرب كالثياب وغيرها ولا يفادون بالسلاح كذا في غاية البيان وظاهر الولوالجية أنه يجوز اتفاقا مفاداة أسرى المسلمين بالسلاح والكراع
[ ص: 90 ]