( قوله : أي وينقضه قيء ملأ فم المتوضئ أفرده بالذكر ، وإن كان داخلا في الأول لمخالفته في حد الخروج كذا في التبيين ، وإنما لم يفرد الخارج من غير السبيلين مع مخالفته للخارج منهما [ ص: 36 ] كما في الوافي لما أن السيلان مستفاد من الخروج كما قدمناه بخلاف ملء الفم وقد تقدم الدليل لمذهبنا ، وهو مذهب العشرة المبشرين بالجنة ومن تابعهم واختلف في وقيء ملأ فاه ) فصحح في المعراج وغيره أنه ما لا يمكن إمساكه إلا بكلفة وصحح في الينابيع أنه ما لا يقدر على إمساكه ، ووجهه أن النجس حينئذ يخرج ظاهرا ; لأن هذا القيء ليس إلا من قعر المعدة فالظاهر أنه مستصحب للجنس بخلاف القليل ، فإنه من أعلى المعدة فلا يستصحبه ; ولأن للفم بطونا معتبرا شرعا حتى لو حد ملء الفم لا يفسد صومه كما لو انتقلت النجاسة من محل إلى آخر في الجوف وظهورا حتى لا يفسد الصوم بإدخال الماء فيه فراعينا الشبهين فلا ينقض القليل ملاحظة للبطون ، وينقض الكثير للآخر الخروج النجس ظاهرا ابتلع الصائم ريقه
( قوله : ، ولو مرة أو علقا أو طعاما أو ماء ) بيان لعدم الفرق بين ما اشتدت حمرته وجمد أطلق في الطعام والماء قال أنواع القيء ، والعلق إذا الحسن لا ينقض ; لأنه طاهر حيث لم يستحل وإنما اتصل به قليل القيء فلا يكون حدثا فلا يكون نجسا وكذا تناول طعاما أو ماء ثم قاء من ساعته وصححه في المعراج وغيره ومحل الاختلاف ما إذا وصل إلى معدته ولم يستقر أما لو قاء قبل الوصول إليها ، وهو في المريء ، فإنه لا ينقض اتفاقا كما ذكره الصبي إذا ارتضع وقاء من ساعته الزاهدي وفي فتح القدير لو لا ينقض ; لأن ما يتصل به قليل ، وهو غير ناقض ا هـ . قاء دودا كثيرا أو حية ملأت فاه
وقد يقال ينبغي على قول من حكم بنجاسة الدود أن ينقض إذا ملأ الفم
( قوله : لا بلغما ) عطف على مرة أي لا ينقضه بلغم أطلقه فشمل ما إذا كان من الرأس أو من الجوف ملأ الفم أو لا مخلوطا بطعام أو لا إلا إذا كان الطعام ملء الفم ، وعند ينقض المرتقي من الجوف إن ملأ الفم كسائر أنواع القيء ; لأنه يتنجس في المعدة بالمجاورة بخلاف النازل من الرأس ، فإنها ليست محل النجاسة ولهما أنه لزج صقيل لا يتداخله أجزاء النجاسة ، فصار كالبزاق ، وما يتصل به من القيء قليل ولا يرد ما إذا أبي يوسف ، فإنه يحكم بنجاسته ; لأن كلامنا فيما إذا كان في الباطن وأما إذا انفصل قلت ثخانته وازدادت رقته فقبلها هكذا في كثير من الكتب ، وهو ظاهر في أن وقع البلغم في النجاسة ليس نجسا اتفاقا ، وإنما نجسه البلغم للمجاورة ، وهما حكما بطهارته ، وأن الخلاف في الصاعد من المعدة فاندفع به قول من قال إن البلغم نجس عند أبو يوسف ; لأنه إحدى الطبائع الأربع حتى قال في الخلاصة إن من أبي يوسف لا تجوز صلاته عند صلى ومعه خرقة المخاط إن كان كثيرا فاحشا إذ لو كان كذلك لاستوى النازل من الرأس والمرتقي من الجوف ، وقد قالوا لا خلاف في طهارة الأول واندفع به ما في البدائع أنه لا خلاف في المسألة في الحقيقة بأن جواب أبي يوسف في الصاعد من المعدة ، وأنه حدث بالإجماع ; لأنه نجس وجوابهما في الصاعد من حواشي الخلق وأطراف الرئة وأنه ليس بحدث إجماعا لأنه ظاهر فينظر إن كان صافيا غير مخلوط بالطعام تبين أنه لم يصعد من المعدة فلا يكون حدثا ، وإن كان مخلوطا بشيء من ذلك تبين أنه صعد منها ، فيكون حدثا وهذا هو الأصح ا هـ . أبي يوسف
ويدل على ضعفه أن المنقول في الكتب المعتمدة أن البلغم إذا كان مخلوطا بالطعام لا ينقض إلا إذا كان الطعام غالبا بحيث لو انفرد ملأ الفم
أما إذا كان الطعام مغلوبا فلا ينقض مع تحقق كونه من المعدة قال في الخلاصة : فإن استويا لا ينقض وفي صلاة المحسن قال العبرة للغالب ، ولو استويا يعتبر كل على حدة قال في فتح القدير وعجز هذا أولى من عجز ما في الخلاصة وفي شرح الجامع الصغير لقاضي خان الخلاف في البلغم ، وهو ما كان منعقدا متجمدا أما البزاق ، وهو ما لا يكون متجمدا فلا ينقض بالإجماع وذكر العلامة يعقوب باشا أن في قولهما إن ما يتصل بالبلغم من القيء قليل ، وهو غير ناقض إشارة إلى أنه ينبغي أن [ ص: 37 ] ويبلغ بالجمع حد الكثرة ا هـ . ينتقض الوضوء بقيء البلغم إذا تكرر جدا مع اتحاد المجلس أو السبب
وقد يقال الظاهر عدم اعتباره ; لأنه إنما يجمع إذا كان غير مستهلك أما إذا كان مغلوبا مستهلكا فلا وصرحوا في باب الأنجاس أن مغلظة وفي معراج الدراية وعن نجاسة القيء أبي حنيفة لا يمنع ، وفي المجتبى الأصح أنه لا يمنع ما لم يفحش . ا هـ . قاء طعاما أو ماء فأصاب إنسانا شبرا في شبر
وهو صريح في أن نجاسته مخففة وحمله في فتح القدير على ما إذا قاء من ساعته ، وهو غير صحيح ; لأنه حينئذ طاهر كما قدمنا أنه غير ناقض وألحقوا بالقيء ، وهو مختار ماء فم النائم إذا صعد من الجوف بأن كان أصفر أو منتنا أبي نصر وصحح في الخلاصة طهارته وعند نجس ، ولو نزل من الرأس فظاهر اتفاقا وفي التجنيس أنه طاهر كيفما كان وعليه الفتوى . أبي يوسف
[ ص: 36 ]