ولم يذكر المصنف وهو نوعان قول وفعل ما يصير به الكافر مسلما : قسم يجحدون الباري جل وعلا وإسلامهم إقرارهم بوجوده ، وقسم يقرون به ولكن ينكرون وحدانيته وإسلامهم إقرارهم بوحدانيته ، وقسم أقروا بوحدانيته وجحدوا رسالة ، والكفار أقسام محمد صلى الله عليه وسلم وإسلامهم إقرارهم برسالته صلى الله عليه وسلم فالأصل أن كل من أقر بخلاف ما كان معلوما من اعتقاده أنه يحكم بإسلامه وهذا في غير الكتابي أما اليهودي ، والنصراني فكان إسلامهم في زمنه عليه السلام بالشهادتين ; لأنهم كانوا ينكرون رسالة النبي عليه الصلاة والسلام أما اليوم ببلاد العراق فلا يحكم بإسلامه بهما ما لم يقل تبرأت عن ديني ودخلت في دين الإسلام ; لأنهم يقولون : إنه أرسل إلى العرب ، والعجم لا إلى بني إسرائيل كذا صرح به محمد رحمه الله ، وإنما شرط مع التبري إقرارهم بالدخول في الإسلام ; لأنه قد تبرأ من اليهودية ويدخل في النصرانية أو في المجوسية ولو لا يصير مسلما وهو الصحيح ولو قال رسول إلى قيل لنصراني : أمحمد رسول الله حق ؟ فقال نعم العرب ، والعجم لا يصير مسلما ; لأنه يمكنه أن يقول : هو رسول إلى العرب ، والعجم إلا أنه لم يبع بعد ، فإن قيل يجب أن لا يحكم بإسلام اليهودي ، والنصراني ، وإن أقر برسالة محمد عليه السلام وتبرأ عن دينه ودخل في دين الإسلام ما لم يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ويقر بالبعث وبالقدر خيره وشره من الله تعالى ; لأنها من شرائط الإسلام كما في حديث جبريل عليه السلام قلنا الإقرار بهذه الأشياء ، وإن لم يوجد نصا فقد وجد دلالة ; لأنه لما أقر بدخوله في الإسلام فقد التزم جميع ما كان شرط صحته ولو لا يحكم بإسلامه ; لأنهم يدعون ذلك ; لأنفسهم وكذا لو قال أنا على دين الحنيفية ولو قال الكتابي أنا مسلم أو أسلمت يصير مسلما كذا في الذخيرة ، والفتاوى . قال الذمي لمسلم أنا مسلم مثلك
فالحاصل أن الكتابي اليوم إذا أتى بالشهادتين لا يحكم بإسلامه وفي الفتاوى السراجية سئل إذا أجاب لا يحكم بإسلامه في شيء من ذلك كذا أفتى علماؤنا والذي أفتى به إذا تلفظ بالشهادتين يحكم بإسلامه ، وإن لم يتبرأ عن دينه الذي كان عليه ; لأن التلفظ بهما صار علامة على الإسلام فيحكم بإسلامه ، وإذا رجع إلى ما كان عليه يقتل إلا أن يعود إلى الإسلام فيترك . ا هـ . قال الذمي أنا مسلم أو إن فعلت كذا فأنا مسلم ثم فعله أو تلفظ بالشهادتين لا غير هل يصير مسلما
وهذا يجب المصير إليه في ديار مصر بالقاهرة [ ص: 81 ] لأنه لا يسمع من أهل الكتاب فيها الشهادتان ولذا قيده محمد بالعراق وأما بالفعل ، فإن صلى بالجماعة صار مسلما بخلاف ما إذا صلى وحده إلا إذا قال الشهود صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا ، وأما إذا صام أو أدى الزكاة أو حج لم يحكم بإسلامه في ظاهر الرواية وعن محمد أنه إذا حج على الوجه الذي يفعله المسلمون يحكم بإسلامه كذا في الذخيرة وفي التتارخانية ، وإن صلى خلف إمام ثم أفسد لم يكن مسلما وكذا إذا قرأ القرآن أو صلى على محمد لم يكن مسلما أيضا ، وأما الآذان ، فإن شهدوا أنه كان يؤذن ويقيم كان مسلما سواء كان الآذان في السفر أو في الحضر ، وإن قالوا سمعناه يؤذن في المسجد فليس بشيء حتى يقولوا هو مؤذن ، فإذا قالوا ذلك فهو مسلم ; لأنهم إذا قالوا : إنه مؤذن كان ذلك عادة له فيكون مسلما كذا في البزازية وينبغي أن يكون ذلك في حق الكتابي بناء على أن لا يكون مسلما بمجرد الشهادتين
[ ص: 80 ]