( قوله فيقطع إن أقر مرة أو شهد رجلان ) بيان لحكمها وسبب ثبوتها وفي قوله مرة رد على في قوله لا يقطع إلا بإقراره مرتين ويروى عنه أنهما في مجلسين مختلفين ; لأنه أحد الحجتين فتعتبر بالأخرى وهي البينة كذلك اعتبرنا في الزنا ولهما أن السرقة ظهرت بإقراره مرة واحدة فيكتفى به كما في القصاص وحد القذف ولا اعتبار بالشهادة فيها ; لأن الزيادة تفيد فيها تقليل تهمة الكذب ولا تفيد في الإقرار شيئا ; لأنه لا تهمة وباب الرجوع في حق الحد لا ينسد بالتكرار ، والرجوع في حق المال لا يصح أصلا ; لأن صاحب المال يكذبه واشتراط الزيادة في الزنا بخلاف القياس فيقتصر على مورد الشرع ومن مسائل الإقرار لو أبي يوسف قطع ولو نون القاف لا يقطع ; لأنه على الاستقبال ، والأول على الحال وفي عيون المسائل قال : أنا سارق هذا الثوب بالإضافة يقطع في العشرة دنانير ويضمن مائة هذا إن ادعى المقر له المالين وهو قول قال سرقت من فلان مائة درهم بل عشرة دنانير ; لأنه رجع عن الإقرار بسرقة مائة وأقر بعشرة دنانير فصح رجوعه عن الإقرار بالسرقة الأولى في حق القطع ولم يصح في حق الضمان وصح الإقرار بالسرقة الثانية في حق القطع وبه ينتفي الضمان بخلاف ما لو أبي حنيفة ، فإنه يقطع ولا يضمن شيئا لو ادعى المقر له المائتين ; لأنه أقر بسرقة مائتين ووجب القطع فانتفى الضمان ، والمائة الأولى لا يدعيها المقر له بخلاف الأولى ولو قال سرقت مائة بل مائتين لم يقطع ويضمن المائتين ; لأنه أقر بسرقة مائتين ورجع عنها فانتفى الضمان ولم يجب القطع ولم يصح الإقرار بالمائة إذ لا يدعيها المسروق منه ولو أنه صدقه في الرجوع إلى المائة لا ضمان كذا في فتح القدير . قال سرقت مائتين بل مائة
ولم يذكر المصنف صحة الرجوع عن الإقرار للعلم بأنه يصح الرجوع عن الإقرار بالحدود كلها إلا حد القذف قال في الذخيرة وإذا لا يتبع وإن كان في فوره . ا هـ . أقر بالسرقة ثم هرب
بخلاف ما إذا شهد عليه ثم هرب ، فإنه يتبع كذا في الظهيرية ولم يشترط المصنف عدم التقادم في هذه الحجة ; لأنه ليس بشرط في الإقرار وشرط في البينة فلو قطع ولو شهدا عليه بذلك لا كما في البدائع وقدمناه أقر بسرقة متقادمة هو حده في الزنا كذا في الذخيرة وأطلق في المقر فشمل الحر ، والعبد وسيأتي تفاصيلها في العبد وقيد بالرجلين ; لأن شهادة النساء غير مقبولة فيه وكذا الشهادة على الشهادة وإن قبلت في حق المال وأفاد وحد التقادم في السرقة المصنف بحصر الحجة فيما ذكر أنه يقطع بالنكول وإن ضمن المال وأن العبد لا يقطع بإقرار مولاه عليه بها ، وإن لزم المال ولم يقيد المصنف الإقرار بالطواعية قال في الظهيرية وإذا فإقراره باطل ومن المتأخرين من أفتى بصحته وسئل أقر بالسرقة مكرها الحسن بن زياد قال ما لم يقطع اللحم ولا يتبين العظم ولم يزد على هذا . ا هـ . أيحل ضرب السارق حتى يقر
وفي التجنيس لا يفتى بعقوبة السارق ; لأنه جور ولا يفتى به وفي الظهيرية إن كان لا يخاف أن يظلمه متى أخبره يخبره ليصل إلى حقه ، وإن كان يخاف لا يخبره ; لأنه معذور في ترك الإخبار ولكن يوصل الحق إليه بطريق آخر وإذا قضى القاضي بالقطع ببينة أو إقرار ثم قال المسروق منه هذا [ ص: 57 ] متاعه لم يسرقه مني إنما كنت أودعته أو قال شهد شهودي بزور أو قال أقر هو بباطل أو ما أشبه ذلك سقط عنه القطع ويستحب هل ينبغي للسارق أن يعلم صاحب المتاع أنه سرق متاعه لما روي أن { للإمام أن يلقن السارق حتى لا يقر بالسرقة النبي صلى الله عليه وسلم أتي بسارق فقال أسرق ما إخاله سرق } ولأنه احتيال للدرء وقوله إخاله بكسر الهمزة معناه أظنه وبالفتح كذلك وكلاهما فعل مضارع من المخيلة وهي الظن إلا أن الحديث جاء بالكسر وإذا لا يقطع الكافر كما لا يقطع المسلم ولو شهد كافران على كافر ومسلم بسرقة مال بسكون الراء ذكر في نسخ شهد أنه سرق من فلان ثوبا فقال أحدهما : إنه هروي وقال الآخر : إنه مروي أبي سليمان أنه على خلاف اعتبارا باختلاف الشاهدين في لون البقرة وذكر في نسخة أبي حفص أنه لا تقبل الشهادة إجماعا . ا هـ .
ولم يذكر المصنف سؤال الشاهدين وفي الهداية وينبغي أن وماهيتها وزمانها ومكانها لزيادة الاحتياط كما مر في الحدود ويحبسه إلى أن يسأل عن الشهود للتهمة . ا هـ . يسألهم الإمام عن كيفية السرقة
زاد في الكافي أنه يسألهما عن المسروق إذ سرقة كل مال لا توجب القطع فالسؤال عن الكيفية لاحتمال أنه سرق على كيفية لا يقطع معها كأن نقب الجدار وأدخل يده فأخرج المتاع ، فإنه لا يقطع ، والسؤال عن الماهية لإطلاقها على استراق السمع ، والنقص من أركان الصلاة ، والسؤال عن الزمان لاحتمال التقادم وعلى المكان لاحتمال السرقة في دار الحرب من مسلم وفي المبسوط لم يذكر السؤال عن المسروق منه ; لأنه حاضر يخاصم ، والشهود يشهدون على السرقة منه فلا حاجة إلى السؤال عنه وفيه نظر لاحتمال أن يكون قريب السارق أو زوجا فلا بد من السؤال عنه كما في التبيين ، وأما سؤال المقر ، فإنه عن جميع ما ذكرنا إلا عن السؤال عن الزمان وفي فتح القدير ولا يسأل المقر عن المكان وهو مشكل للاحتمال المذكور ، واعلم أنه لا بد من حضور الشاهدين وقت القطع كحضور المدعي حتى لو غابا أو ماتا لا قطع وهذا في كل الحدود إلا في الرجم ويمضي القصاص ، وإن لم يحضروا استحسانا كذا في كافي محمد الحاكم ، وإن شرط بداءة الشهود بالرجم
[ ص: 56 ]