( قوله : ولو مكرها ، أو ناسيا ) أي في المنعقدة كفارة إذا حنث ولو كان لقوله عليه السلام { حلف مكرها ، أو ناسيا } كذا استدل مشايخنا وتعقبهم في فتح القدير بأنه لو ثبت حديث اليمين لم يكن فيه دليل ; لأن المذكور فيه جعل ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق واليمين جدا والهازل قاصد لليمين غير راض بحكمه فلا يعتبر عدم رضاه به شرعا بعد مباشرة السبب مختارا والناسي بالتفسير المذكور لم يقصد شيئا أصلا ولم يدر ما صنع وكذا المخطئ لم يقصد قط التلفظ به بل بشيء آخر فلا يكون الوارد في الهازل واردا في الناسي الذي لم يقصد قط مباشرة السبب فلا يثبت في حقه نصا ولا قياسا ، وإذا كان اللغو بتفسيرهم وهو أن يقصد اليمين مع ظن البر ليس لها حكم اليمين فما لم يقصده أصلا بل هو كالنائم يجري على لسانه طلاق أو إعتاق لا حكم له أولى أن لا يكون له حكم اليمين وأيضا فتفسير اللغو المذكور في حديث الهزل [ ص: 305 ] باليمين عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو أنه كلام الرجل في بيته كلا والله وبلى والله ، وإن لم يكن هو نفس التفسير الذي فسروا به الناسي فإن المتكلم كذلك في بيته لا يقصد التكلم به بل يجري على لسانه بحكم العادة غير مراد لفظه ولا معناه كان أقرب إليه من الهازل ، فحمل الناسي على اللاغي بالتفسير المذكور أولى من حمله على الهازل وهو الذي أدينه وتقدم لنا مثله في الطلاق غافلا ا هـ . عائشة
وفي التبيين والمراد بالناسي المخطئ كما إذا وذكر في الكافي أنه المذهول عن التلفظ به بأن قيل له : ألا تأتينا فقال : بلى والله غير قاصد لليمين ، وإنما ألجأنا إلى هذا التأويل ; لأن حقيقة النسيان في اليمين لا تتصور ا هـ . أراد أن يقول اسقني الماء فقال والله لا أشرب الماء
وذكر الشمني أن حقيقته متصورة بأن حلف أن لا يحلف فنسي فحلف ا هـ .
وهو مردود لأنه فعل المحلوف عليه ناسيا لا إن حلفه كان ناسيا وفي فتح القدير والناسي هو من تلفظ باليمين ذاهلا عنه ثم تذكر أنه تلفظ به ، وفي بعض النسخ الخاطئ وهو من أراد أن يتكلم بكلام غير الحلف فجرى على لسانه الحلف ا هـ .
وهو الظاهر كما لا يخفى ، وفي الخانية قالوا لا شيء عليه إلا أن يتذكر ا هـ . رجل حلف أن لا يفعل كذا فنسي أنه كيف حلف بالطلاق ، أو بالصوم
( قوله : أو حنث كذلك ) أي مكرها ، أو ناسيا ; لأن الفعل الحقيقي لا ينعدم بالإكراه أو النسيان وهو الشرط وكذا إذا فعله وهو مغمى عليه ، أو مجنون لتحقق الشرط حقيقة ولو كان الحكمة رفع الذنب فالحكم يدار على دليله وهو الحنث لا على حقيقة الذنب كذا في الهداية ومراده من الشرط السبب ; لأن الحنث عندنا سبب لوجوب الكفارة لا شرط كما سيأتي كذا في فتح القدير وقد يقال إن فعل المحلوف عليه شرط في الحنث ، والحنث سبب للكفارة إلا أن يقال إن الحنث هو عين فعل المحلوف عليه فحينئذ يحتاج إلى التأويل .
قيد بالحنث ; لأنه لو لم يحنث كما لو فإنه لا اعتبار به وقيده حلف أن لا يشرب فأوجر ، أو صب في حلقه الماء مكرها قاضي خان بأن يدخل في جوفه بغير صنعه فلو صب في فيه وهو مكره فأمسكه ، ثم شربه بعد ذلك حنث ا هـ .