الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : ولو ادعى ولد أمة مشتركة ثبت نسبه ، وهي أم ولده ، ولزمه نصف قيمتها ونصف عقرها لا قيمته ) أما ثبوت النسب فلأنه لما ثبت في نصفه لمصادفته ملكه ثبت في الباقي ضرورة أنه لا يتجزأ لما أن سببه لا يتجزأ وهو العلوق إذ الولد الواحد لا يعلق من ماءين ، وأما صيرورتها أم ولد فلأن الاستيلاد لا يتجزأ عنده وعندهما يصير نصيبه أم ولد له ، ثم يتملك نصيب صاحبه إذ هو قابل للملك ، وأما ضمان نصف القيمة فلأنه تملك نصيب صاحبه لما استكمل الاستيلاد ، وأما ضمان نصف العقر فلأنه وطئ جارية مشتركة إذ الملك ثبت حكما للاستيلاد فيعقبه الملك في نصيب [ ص: 297 ] صاحبه بخلاف الأب ; إذا استولد جارية ابنه ; لأن الملك هناك ثبت شرطا للاستيلاد فيتقدمه فصار واطئا ملك نفسه ، وأما عدم ضمان قيمة الولد فلأن النسب يثبت مستندا إلى وقت العلوق فلم يتعلق شيء منه على ملك شريكه . أطلق في المدعي فشمل الحر والمكاتب فإذا ادعى المكاتب ولد الأمة المشتركة فالحكم كذلك كما في البدائع ، وفي الظهيرية ، وإن كانت بين حر ومكاتب فادعى المكاتب وحده ثبت نسبه وضمن نصف قيمتها للشريك وقال أبو يوسف : نصيب الشريك بحاله كما كان يستخدمها كل واحد منهما يوما فإذا عجز المكاتب كان له أن يبيعها لأن حكم الاستيلاد في نصيب المكاتب بصفة الاستقرار لم يثبت بدليل أنها تباع بعد العجز ا هـ .

                                                                                        ومثل المسلم الكافر والصحيح والمريض مرض الموت لأنه من الحوائج الأصلية وأطلق في الأمة فشمل ما إذا كانت حبلت على ملكهما أو اشترياها حاملا لكنه يضمن في الثاني نصف قيمة الولد ; لأنها دعوة إعتاق لا استيلاد ، وفي الظهيرية لو اشترى أخوان أمة حاملة فجاءت بولد فادعاه أحدهما فعليه نصف قيمة الولد ; لأنه أعتقه بالدعوة ولا يعتق على عمه بالقرابة ; لأن الدعوة قد تقدمت فيضاف الحكم إلى الدعوة دون القرابة ا هـ .

                                                                                        وأطلق في وجوب نصف القيمة والعقر فشمل الموسر والمعسر ; لأنه ضمان تملك بخلاف ضمان العتق وتعتبر القيمة يوم العلوق وكذا نصف العقر وشمل ما إذا كان المدعي منهما الأب كما إذا كانت مشتركة بين الأب وابنه فادعاه الأب صح ولزمه نصف القيمة والعقر كالأجنبي بخلاف ما إذا استولدها ولا ملك له فيها حيث لا يجب العقر عندنا والفرق بينهما أن الجارية متى لم تكن ملكا له مست الحاجة إلى إثبات الملك له فيها سابقا على الوطء لئلا يكون فعله زنا ومتى كانت مشتركة بينهما فقيام الملك في شقص منها يكفي لإخراج فعله من أن يكون زنا فلم تمس الحاجة إلى إثبات الملك سابقا على الوطء فلذا يجب نصف العقر كذا في الظهيرية . .

                                                                                        [ ص: 296 - 297 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        [ ص: 296 - 297 ] ( قوله : فإذا عجز المكاتب كان له أن يبيعها ) الضمير في له يعود على الشريك ; لأن المكاتب بعد عجزه لا ينفذ تصرفه ويجوز عوده عليه بتكلف تأمل .




                                                                                        الخدمات العلمية