( قوله فإن أبى ففي كسبه وإلا أمره ببيعه ) أي إن فإن نفقته في كسبه إن كان له كسب ; لأن فيه نظرا لهما حتى يبقى المملوك فيه حيا ويبقى فيه ملك المالك وإن لم يكن لهما كسب بأن كان عبدا زمنا أو جارية لا يؤجر مثلها أجبر المولى على بيعهما ; لأنهما من أهل الاستحقاق وفي البيع إيفاء حقهما وإيفاء حق المولى بالخلف بخلاف نفقة الزوجة ; لأنها تصير دينا فكان إبطالا وفي غاية البيان أن كل ما لا يصلح للإجارة يجبر المولى على الإنفاق أو يبيع القاضي إذا رأى ذلك إلا المدبر وأم الولد فإنه يجبر على الإنفاق لا غير ; لأنه لا يمكن بيعهما ا هـ . امتنع المولى عن الإنفاق
فلو قال المصنف كذلك لكان أولى وعلم مما في الغاية أن الأمر بالبيع معناه بيع القاضي عليه وفي شرح الأقطع ما ذكر من البيع ينبغي أن يكون على قول أبي يوسف ; لأنهما يريان البيع على الحر لأجل حق الغير فأما ومحمد فإنه لا يرى جواز البيع على الحر ، ولكنه يحبسه حتى يبيعه إذا استحق عليه البيع ا هـ . أبو حنيفة
ولذا قال المصنف أمر ببيعه ولم يقل باعه القاضي قيد بالمملوك أي الرقيق ; لأن ما عداه من أملاكه إذا امتنع من الإنفاق فإنه لا يجبر عليه ، ولو كان حيوانا ; لأنها ليست من أهل الاستحقاق إلا أنه يفتى فيما بينه وبين الله تعالى في الإنفاق على الحيوانات ; لأنه عليه السلام نهى عن تعذيب الحيوان وفيه ذلك ونهى عن إضاعة المال وفيه إضاعته ، وعن أنه يجبر والأصح ما قلنا ، كذا في الهداية ورجح أبي يوسف رواية الطحاوي قال وبه نأخذ قال في فتح القدير وبه قالت الأئمة الثلاثة وغاية ما فيه أن يتصور فيه دعوى حسبة فيجبره القاضي على ترك الواجب ولا بدع فيه وظاهر المذهب الأول والحق ما عليه الجماعة ا هـ . أبي يوسف
وأما في غير الحيوانات كالدور والعقار لا يفتي به أيضا إلا إذا كان فيه تضييع المال فيكون مكروها ، وهذا كله إذا لم يكن له شريك فإن كانت أجبره القاضي ; لأنه لو لم يجبره لتضرر الشريك كما في المحيط وذكر دابة بين شريكين فامتنع أحدهما من الإنفاق الخصاف أن القاضي يقول للآبي إما أن تبيع نصيبك من الدابة أو [ ص: 238 ] تنفق عليها رعاية لجانب الشريك وفي الذخيرة لو فالنفقة على صاحب الثمرة وفي التبن والحنطة أن ما بقي من ثلث ماله شيء فالنفقة في ذلك المال وإن لم يبق فالتخليص عليهما ; لأن المنفعة لهما ا هـ . أوصى بنخل لواحد وبثمرة لآخر
وفي فتح القدير وأقول : ينبغي أن يكون على قدر قيمة ما يحصل لكل منهما وإلا يلزم ضرر صاحب القليل ألا ترى إلى قولهم في السمسم إذا أوصى بدهنه لواحد وبثجيره لآخر أن النفقة على من له الدهن لعده عدما وإن كان قد يباع وينبغي أن يجعل كالحنطة والتبن في ديارنا ; لأن الثجير يباع لعلف البقر وغيره ، وكذا أقول : فيما روي عن ذبح شاة فأوصى بلحمها لواحد وبجلدها لآخر فالتخليص عليهما كالحنطة والتبن أنه يكون على قدر الحاصل لهما وقبل الذبح أجرة الذبح على صاحب اللحم لا الجلد ا هـ . محمد
وفي المجتبى ليس له أن يأكل من مال مولاه لكن يكتسب ويأكل إلا إذا كان صغيرا أو جارية أو عاجزا عن الكسب فله أن يأكل وإن لم يأذن له في الكسب فله أن يأكل من مال مولاه وللعبد أن يأخذ من مال سيده قدر كفايته ، ولو تنازعا في عبد أو أمة في أيديهما يجبران على نفقته ونفقة الدابة المستأجرة على الآجر ، وإذا شرط العلف على المستأجر لم يضمن إن لم يعلفها حتى ماتت ; لأن بدل المنافع تعود إلى مالك الرقبة ومن ركب فرسا حبيسا في سبيل الله تعالى فنفقته عليه حتى يرده عليه والأصل أن من كانت له المنفعة أو بدلها فالنفقة عليه سواء كان مالكا أو لا ا هـ . العبد إذا أقتر عليه مولاه في نفقته
وفي فتح القدير ويجوز وضع الضريبة على العبد ولا يجبر عليها ، بل إن اتفقا على ذلك ا هـ .
وقيدنا الذي لا كسب له بأن يكون زمنا إلى آخره تبعا لما في الهداية للاحتراز عملا إذا كان صحيحا غير عارف بصناعة فإنه لا يكون عاجزا عن الكسب ; لأنه يمكن أن يؤاجر نفسه في بعض الأعمال كحمل شيء وتحويل شيء كمعين البناء وما قدمناه نقلا عن الكافي في نفقة ذوي الأرحام ثبوته هنا أولى ، كذا في فتح القدير وفي الخلاصة ، ولو أعتق عبدا زمنا أو مقعدا سقطت نفقته عن المولى وينفق عليه من بيت المال ا هـ . والله سبحانه وتعالى أعلم .
[ ص: 238 ]