( قوله ولا ) أما نفقة الولد فقدمناها ، وأما نفقة الوالدين فلأن لهما تأويلا في مال الولد بالنص ولا تأويل لهما في مال غيره ; ولأنه أقرب الناس إليهما فكان الأولى باستحقاق نفقتهما عليه أطلق في الأب فشمل الموسر والمعسر لكن في الذخيرة إن كان الأب معسرا والأم موسرة أمرت أن تنفق من مالها على الولد فيكون دينا ترجع عليه إذا أيسر ; لأن نفقة الصغير على الأب وإن كان معسرا كنفقة نفسه فكانت الأم قاضية حقا واجبا عليه بأمر القاضي فترجع عليه إذا أيسر ، ثم جعل الأم أولى بالتحمل من سائر الأقارب حتى لو كان الأب معسرا والأم موسرة وللصغير جد موسر تؤمر الأم بالإنفاق من مال نفسها ، ثم ترجع على الأب ولا يؤمر الجد بذلك ; لأنها أقرب إلى الغير ، ولو كان الأب واجدا للنفقة لكن امتنع من النفقة على الصغير ففرض القاضي النفقة على الأب فامتنع عن الأداء فالقاضي يأمرها أن تستدين عليه وتنفق على الغير لترجع بذلك على الأب ، وكذلك لو غاب الأب بعد فرض نفقة الأولاد وتركهم بلا نفقة فاستدانت بأمر القاضي وأنفقت عليهم رجعت عليه ، وكذلك هذا الحكم في مؤنة الرضاع إذا كان الأب معسرا فالقاضي يأمر الأم بالاستدانة فإذا أيسر رجعت عليه بالقدر الذي أمرها القاضي بالاستدانة وإن لم تستدن بعد الفرض لكن كانوا يأكلون من مسألة الناس فلا رجوع لها لوقوع الاستغناء فإن كانوا أعطوا مقدار نصف الكفاية سقط نصف النفقة عن الأب وتصح الاستدانة في النصف الباقي وعلى هذا القياس ، وكذا في نفقة المحارم وسيأتي تمامه . يشارك الأب والولد في نفقة ولده وأبويه أحد
ولو كان للفقير أولاد صغار وجد موسر لم تفرض النفقة على الجد ، ولكن يؤمر الجد بالإنفاق صيانة لولد الولد ويكون ذلك دينا على والد الصغار وهكذا ذكر فلم يجعل النفقة [ ص: 227 ] على الجد حال عسرة الأب ، وقد ذكرنا في أول هذا الفصل أن الأب الفقير يلحق بالميت في استحقاق النفقة على الجد ، وهذا هو الصحيح من المذهب وما ذكره القدوري قول القدوري هكذا ذكر الحسن بن صالح الصدر الشهيد في أدب القاضي للخصاف وإن كان الأب زمنا قضي بنفقة الصغار على الجد ولم يرجع على أحد بالإنفاق ; لأن نفقة الأب في هذه الحالة على الجد فكذا نفقة الصغار ، وعن في صغير له والد محتاج وهو زمن فرضت نفقته على قرابته من قبل أبيه دون أمه وكل من يجبر على نفقة الأب يجبر على نفقة الغلام فإن لم يكن له قرابة من قبل أبيه قضيت بالنفقة على أبيه وأمرت قرابة الأم بالإنفاق فيكون دينا على الأب ، وهذا الجواب إنما يستقيم إذا لم يكن في قرابة الأم من يكون محرما للصغير ويكون أهلا للإرث ; لأن شرط وجوب النفقة في غير قرابة الولاد المحرمية وأهلية الإرث فأما إذا كان في قرابة الأم من كان محرما للصغير وهو أهل للإرث تجب عليه النفقة ويلحق الأب المعسر بالميت لما ذكرناه ا هـ . أبي يوسف
وحاصله أن الوجوب على الأب المعسر إنما هو إذا أنفقت الأم الموسرة وإلا فالأب كالميت والوجوب على غيره لو كان ميتا ولا رجوع عليه في الصحيح وعلى هذا فلا بد من إصلاح المتون والشروح كما لا يخفى وأطلق في قوله في نفقة ولده فشمل الصغير والكبير الزمن وفي [ ص: 228 ] رواية أن نفقة الكبير تجب على الأبوين أثلاثا باعتبار الإرث بخلاف الصغير والظاهر الأول .