الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله ثم العصبات بترتيبهم ) يعني إن لم يكن للصغير أحد من محارمه من النساء واختصم فيه الرجال فأولاهم به أقربهم تعصيبا ; لأن الولاية للأقرب فيقدم الأب ثم الجد أب الأب وإن علا ثم الأخ الشقيق ثم الأخ لأب ثم ابن الأخ الشقيق ثم ابن الأخ لأب ، وكذا كل من سفل من أولادهم ثم العم شقيق الأب ثم لأب ، وأما أولاد الأعمام فإنه يدفع إليهم الغلام فيبدأ بابن العم لأب وأم ثم ابن العم لأب ولا تدفع إليهم الصغيرة ; لأنهم غير محارم ، وكذا لا تدفع إلى الأم التي ليست بمأمونة وللعصبة الفاسق ولا إلى مولى العتاقة تحرزا عن الفتنة وبهذا علم أن إطلاق المصنف في محل التقييد لكن ينبغي أن يكون محل عدم الدفع إلى ابن العم ما إذا كانت [ ص: 184 ] الصغيرة تشتهى وهو غير مأمون أما إذا كانت لا تشتهى كبنت سنة مثلا فلا منع ; لأنه لا فتنة ، وكذا إذا كانت تشتهى وكان مأمونا قال في غاية البيان معزيا إلى تحفة الفقهاء : وإن لم يكن للجارية من عصباتها غير ابن العم فالاختيار إلى القاضي إن رآه أصلح تضم إليه وإلا توضع على يد أمينة ا هـ .

                                                                                        ولم يذكر المصنف الدفع إلى ذوي الأرحام قالوا إذا لم يكن للصغير عصبة يدفع إلى الأخ لأم ثم إلى ولده ثم إلى العم لأم ثم إلى الخال لأب وأم ثم لأب ثم لأم ; لأن لهؤلاء ولاية عند أبي حنيفة في النكاح وبهذا علم أن مرادهم بذوي الأرحام هنا ، وفي باب ولاية الإنكاح قرابة ليست بعصبة لا المذكور في الفرائض أنه قريب ليس بذي سهم ولا عصبة ; لأن بعض أقارب الفروض داخل في ذوي الأرحام هنا كالأخ لأم وإذا اجتمع مستحقو الحضانة في درجة كالإخوة والأعمام فأصلحهم أولى ، فإن تساووا فأورعهم ، فإن تساووا فأسنهم ، وفي البدائع لا حق للرجال من قبل الأم وهو محمول على ما إذا كان من قبل الأب من هو موجود .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله يعني إن لم يكن للصغير أحد إلخ ) قال الرملي أو كان له أحد من محارمه من النساء إلا أنه ساقط الحضانة فإنه كالمعدوم .

                                                                                        ( قوله فإنه يدفع إليهم الغلام ) ; لأن عدم المحرمية مع اتحاد الجنس لا يخاف منه الفتنة ومقتضى هذا أن تدفع الأنثى إلى بنت العم للعلة المذكورة لكنه خلاف إطلاقه السابق في ذوات الأرحام فتأمل . بقي هنا فائدة وهي أنه لو كان للغلام ابنا عم أحدهما زوج أمه وليس له غيرهم فالظاهر أنه لا يسقط حق الأم وإن كان زوجها أجنبيا عن الغلام ; لأن ابن العم الآخر كذلك .

                                                                                        ( قوله لكن ينبغي أن يكون إلخ ) قال الرملي هذا البحث مردود لتعليلهم بأن أولاد الأعمام غير محارم للصغير وأنه لا حق لغير المحرم في حضانتها ولعل الوجه فيه أنه لو ثبت له ذلك كانت عنده إلى أن تشتهى فتقع الفتنة فحسم من أصله تأمل . هذا ولا شاهد له بما في غاية البيان ; لأن جواز ضمها لابن العم لا لكونه مستحقا للحضانة بل لأصلحيته لضمها وإلا لم يكن الاختيار [ ص: 184 ] للقاضي والكلام في استحقاقها لا في جواز الدفع له عند عدم من يستحقها هذا ويجب أن يقيد كلام التحفة بما إذا لم يكن هناك من ذوي الأرحام بالمعنى المراد من يستحق الحضانة ، أما إذا كان كالأخ لأم تدفع إليه لا إلى ابن العم ، ولو رآه أصلح حيث لم يكن الأخ لأم فاسقا وهي حادثة الفتوى ويشترط البلوغ فيمن يحضن الولد ; لأن الحضانة من باب الولاية كما صرح به ابن ملك في شرح المجمع وغيره والصغير ليس من أهل الولاية كما صرح به في الأشباه والنظائر ا هـ .

                                                                                        قلت : وفي البدائع وقال محمد إن كان للجارية ابن عم وخال وكلاهما لا بأس به في دينه جعلها القاضي عند الخال ; لأنه محرم فكان أولى والأخ لأب أحق من الخال ; لأنه عصبة وأقرب .

                                                                                        ( قوله يدفع إلى الأخ لأم إلخ ) ذكر في الفتاوى الهندية أن أبا الأم أولى من الأخ لأم والخال




                                                                                        الخدمات العلمية